دعيت قبل سنوات إلى ندوة في القاهرة، محورها العلاقات الكويتية- المصرية وبالذات في الجانب الصحافي والثقافي، وكان المتحدثون فيها من الكويت أنا وزميلا آخر واثنين من الإخوة المصريين.
ولما كنا على المنصة فوجئت بالزميل الكويتي وهو يتحدث عن «المعاناة وعن النضال الذي كان يخوضه الكويتيون في سبيل الحصول على الصحف المصرية التي كانوا يتداولونها سرا وبعيدا عن السلطات».
طبعا كلام الزميل الفاضل لا يعكس الحقيقة، فلم يكن هناك نضال ولا سلطة تمنع ولا معاناة إلا من حيث شغف الانتظار وتأخر وصول الصحف بحكم بطء وسائل المواصلات أوائل القرن العشرين.
أردت من ذلك الإشارة إلى أن هناك أناسا يستمرئون العذاب والتسلط، وإن لم يكونا موجودين استجلبوهما وتخيلوهما، معتقدين أن الشعوب التي لا تمر عليها فترات مأساوية وأزمات سياسية هي شعوب ناقصة ولابد من تدعيمها باختلاق قصص وهمية حول النضال ومكافحة الاستعمار، متجاهلين أن تجارب البلدان تختلف.
وقبل أيام نشر أحد الإخوة رسما يصور الكويت على أنها طائر ذو مخالب يطعم بمنقاره طائرا آخر ويدوس بمخالبه على طائر ثان، وقد كتب على الطائر المتلقي للطعام «الدول الأخرى» أما الطائر الذي تحت المخالب فهو المواطن، أي أن الكويت سخية مع الدول الأخرى في الوقت الذي تقسو فيه على مواطنيها وتحرمه من حقوقه، وهذا ولا شك تجن على الحقيقة وافتراء لا صحة له، فما الذي يريده المواطن أكثر مما يأخذ، إلى درجة التساهل معه حتى في فواتير الكهرباء رغم رخصها.
وآخر ذكر أسماء ثلاث عائلات كويتية غنية وقال هل يشعر ابناء تلك العائلات بمعاناة المواطن الكويتي حتى يترشحوا لمجلس الأمة؟!
الذي أريد قوله ان معاناة المواطن الكويتي ليست معاناة مالية ولا معيشية بل هي معاناة من سوء الإدارة والفساد، وهي المعاناة التي يحس بها الجميع الغني والفقير.
وتلك العائلات التي أشار إليها الأخ المتبرم لها أياد بيضاء على الكويت في سرائها وضرائها ولها باع سياسية مشكورة، ثم إن أغلب الديموقراطيات في العالم يكون نجومها من أبناء العائلات الغنية كعائلة «كنيدي» الأميركية والتي لا تخلو من أحد أبنائها الحياة السياسية الأميركية.
ويكفينا أيها الإخوة استجلاب عيوب ولنبتعد عن دائرة التهوين الاستهانة بأنفسنا.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق