في انتخابات مجلس الامة خلال الثمانينيات لا اتذكر السنة تحديدا، ترشح مواطن في احدى الدوائر الانتخابية اللصيقة من الدائري الخامس، هذا المواطن المسكين تصور نفسه طالما ترشح لمجلس الامة فقد جاز له ان يقول ما يشاء، فاخذ في ندواته الانتخابية «يشيل ويشدخ ويضرب الشمال باليمين» متجاوزا سقف خطابه الانتخابي كل الخطوط الحمر، في وقت لم يكن المزاج العام يقبل او يسمح سماع هذا النوع من الكلمات المتطرفة والحادة، فعملوا له مفاجأة من النوع القاتل، لا لكي يوقفوه عند حده، وانما يقتلوه وهو حي، والمفاجأة كانت عندما احضروا والده من موطنه الاصلي وهو لا يحمل الجنسية الكويتية، فكشفوا سر ذلك المرشح المتهور بانه حصل على الجنسية الكويتية وفقا للمادة الاولى بالتدليس والتزوير، والطبيعي ان تسقط عنه الجنسية، فصار بدلا من ان يجلس على المقعد النيابي نزيل المساجد يشحت قوت يومه من يد المحسنين!!
ومواطن آخر عيّن في منصب رفيع، لكنه جاء تعيينه على غير ما رغبة ورضا اطراف سياسية وقوى نافذة، فتربصوا له نابشين عن اصله وفصله فاتحين ملف جنسيته، فاذا هو مادة اولى ووالده بالتجنس، فما كان من هذا القيادي المسكين الا التواري عن الوجود وطار منه المنصب الرفيع(!!).
وثالث وضع على جهة مهمة الا انه اكتشف بعد تنصيبه انه من حملة الجنسية بالتجنس، ولانه من الذين «اذا حبتك عيني ما ضامك الدهر» لم يخلع من منصبه وانما ثبت وتم تعديل مادة جنسيته من التجنيس الى المادة الاولى هكذا بجرة قلم مع كباية ماي بارد..!!
ورابع نائب ذو شطحات في مجلس الامة كشف زميله النائب في المجلس وفي جلسة علنية وعلى مرأى ومسمع من الجماهير الحاضرة والصحافة وبحضور حكومي كامل العدد انه حصل على الجنسية منذ وقت قريب وبوساطة الوجيه الفلاني – ذكر اسمه – فلم ينف أو يدحض عن نفسه رواية زميله وظل محتفظا بجنسيته الى يومنا هذا ويمارس دوره السياسي في صفوف المعارضة وكأن شيئا لم يكن..!!
وخامس وسادس وعاشر وزراء ونواب امة وقياديون ومرشحون حاليون ومرشحون سابقون وتجار ورجال اعمال ووجهاء.. الخ.. مُنحوا الجنسية وفقا للمادة الاولى من القانون على اساس انهم كويتيون اصليون دون جدارة ودن استحقاق وطني او قانوني، ومرشح حالي في احدى الدوائر يشتري بالاموال القذرة اصوات الناخبين ليس استثناءً فلقد جُنس قريبا ثم عدلت الى المادة الاولى فماذا تنتظرون من شخص وصولي انتهازي ومن خلفه يقف نافذون على شاكلته غير العبث وتلطيخ العملية الديموقراطية والكفران بالنعمة..؟!!
ان الخطأ لا ان نمسك بتلابيب هذا المرشح الراشي او غيره من مدلسي الجنسية والمزورين، لكن الخطأ هو الا نمسك بتلابيب الذي سمح لنفسه منح الجنسية لغير مستحقيها، فهؤلاء المدلسون لم يمنحوا لانفسهم الجنسية قطعا هناك مسؤولون كبار او صغار ساعدوهم على ذلك، فمن يريد ان يحاسب فليحاسب المسؤولين، يحاسب المانح لا الممنوح.
لقد قلنا آلاف المرات ان الجنسية قد استغلت اسوأ استغلال ضاربين بقانون الجنسية عرض الحائط متحجيين بان الجنسية من اعمال السيادة (…) أي سيادة هذه يا سادة يا محترمين حتى اجزتم لانفسكم العبث والاستغلال والتلاعب بأخطر وثيقة وطنية، فلئن كان هؤلاء قد استحقوا الجنسية مادة اولى، فان هناك آلاف المستحقين وهناك آلاف من المحرومين، ثم لماذا لا ترفعون عنكم الحرج وتوحدون الجنسية وبذلك ترتاحون وتريحون وينصهر كل المواطنين في بوتقة العمل الوطني، ولا يتفاخر احد الا بعمله وكفاءته لا بدرجة جنسيته، فكم من المواطنين المتجنسين ذو كفاءة عالية ووطنية نقية وعلى الاخلاص والتفاني في خدمة هذا الوطن في كل مواقع العمل فلماذا يحرمون من المشاركة في العمل السياسي اعضاء في البرلمان ووزراء في الحكومة، لماذا الاصرار على تشويه سمعة الكويت في الخارج وخلق الطبقية والفئوية الذي يتناقض ومواد الدستور.. ام انكم {تؤمنون ببعض وتكفرون ببعض}؟!! فيا سبحان الله تجيرون الظالم وتظلمون المظلوم؟!!
ويا للاسف.. فلعلي لم ار نائبا وطنيا وما اكثرهم منذ قيام مجلس الامة والى هذا اليوم قد طالب بنقل امور الجنسية من وزارة الداخلية الى القضاء، رغم كل شواهد التلاعب والعبث والتدليس والحرمان والظلم الذي يطال فقط المستضعفين والمستحقين ومن لا ظهر قوياً له..!!
فيا سادة، يا اخيار ويا محترمون، يا من تخافون الله وتخافون على هذا الوطن العزيز من التسيب والضياع، اصدروا قانونا جديدا للجنسية بدلا من القانون الحالي الذي بُلي واهترى جراء التعديلات والترقيعات والاضافات التي ادخلت على مواده، قانون عصري يلبي كل المطالب الوطنية ويقضي على المثالب والعيوب، قانون يصهر كل المواطنين في بوتقة المواطنة الواحدة وفقا للاستحقاق الدستوري والعبرة في الاخلاص، وثانيا ارفعوا الحرج عن وزارة الداخلية واجعلوا امور الجنسية من شأن القضاء اطمئنانا للنفوس وعدالة في الحقوق.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق