صالح الشايجي: شرعية المنتقم

ما يجري في مصر اليوم من أحداث مأساوية ومؤسفة وصلت حدّ القتل في الشوارع ومهاجمة قوات الأمن وتهديد الجيش وتفجير المقرات الأمنية في سيناء، وما إلى ذلك من حوادث وفواجع، ليس له تبرير ولا أحد يملك حجة الدفاع عنه.

والمستهجن أن من يقوم بهذه الأعمال ويدعو إليها ويؤجج الساحة ويلهبها ويغذي النفوس بالفتنة ويذكي شرارة التناحر، هو الفريق الذي يدعي دفاعه عن «الشرعية» ويطالب بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي ويصف عزله بالانقلاب العسكري، متجاهلا خمسة وثلاثين مليونا هدرت أصواتهم في الشوارع والميادين ورجت الأرض وكادت تزلزلها.

فإن لم تكن مثل تلك الهبة «المُضَرية» المصرية والتي شاركت فيها أطياف المصريين جميعا من حادي الإبل إلى حارس مومياوات الفراعنة مرورا بكل ساكن زقاق أو عشة أو قصر، إن لم تكن تلك ثورة شعبية «لا بد أن يستجيب لها القدر» فما هي الثورات إذن؟! وكيف تكون؟!

وأعود إلى ما بدأت به لأقول ان ما يجري من هدر للدماء وترويع للناس وتخوين للجيش ولقطاعات كثيرة من الشعب، ليس من أهدافه عودة «الشرعية» التي ان لم تكن أبطلتها تلك الثورة الساحقة الماحقة، فقد أبطلها من طالب بعودتها بمثل ذلك الأسلوب العنيف والذي نصّب نفسه عدوا للدولة المصرية وللوطن المصري وللشعب المصري!

فهل تعود «الشرعية» وركائزها جيش«خائن» وشعب «متآمر» ووطن «ملوّث»؟!

بالتأكيد فإن ذلك الفريق المتباكي على فقدان «الشرعية» لا يهدف إلى إعادتها، ولا إلى عودة مرسي إلى الكرسي، فهو أول العالمين باستحالة حدوث مثل هذا الأمر بعد الخراب والدماء ومعاداة الجيش وتخوينه، لكنه يجنح بسلوكه هذا إلى الإضرار بالوطن ومصالح الناس ويتبع أسلوب التشفي والانتقام «وأنا وبعدي الطوفان»، وليس من عمار ولا استقرار إلا بي وتحت حكمي، فإن كنت خارج الحكم هان الوطن ورخصت دماء الناس واستبحنا كل المحرمات!

واضح أن هذا النهج ليس نهجا سياسيا ولن أقول «نهج سياسي سيئ» أو رديء، بل هو نهج غير سياسي بالأساس، نهج صبياني انفعالي تنتهجه العصابات الإجرامية التي تسعى في حالة خسارتها إلى الانتقام من خصومها بالدم والحرق.

katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.