يشتكي الكثير من المديرين في الجهات الحكومية المختلفة من عدم إمكانية تطبيق النظم واللوائح في ظل انعدام إمكانية فصل الموظف عن العمل. فأصبح من غير المجدي تهديد الموظف بالفصل، ولكن ولتصحيح هذا الاعتقاد الخاطئ، يمكننا ضرب أمثلة كثيرة في الدول المتقدمة تمنع أو تصعب بشكل كبير فصل الموظف من الشركات الخاصة وليس فقط المؤسسات الحكومية في أوروبا والولايات المتحدة.
فأحد أسباب إفلاس مدينة ديترويت هو انكماش صناعة السيارات في المدينة، حيث كان أهم أسباب هذا الانكماش يعود إلى الاتحادات العمالية التي تصعب فصل أو تخفيض أجر العامل في المدينة. ومن حسنات هذا الإفلاس، إمكانية إلغاء أو تخفيض شروط الاتحادات العمالية.
وعودة إلى تأثير عدم فصل الموظف، فيمكن دائماً تحفيز الموظف عن طريق المدح والثناء والمكافآت المالية، إضافة إلى الترقيات الاستثنائية وغيرها من الأدوات التي يمكن استخدامها للتحفيز. وفي حال تم ربط الحصول عليها بالإنجاز، فستكون النتائج إيجابية بشكل كبير، كما أن حرمانه من هذه المميزات سيكون بمنزلة عقاب لا يتمنى الموظف أن يصيبه، فيحاول جاهداً تجنبه.
ولكن هناك مشكلة أخرى تخلق نوعاً من الفوضى، حيث أثبتت التجارب في المنطقة أن كثرة التوظيف والفائض عن الحاجة لإسكات المطالبات الشعبية، هو السبب الرئيسي لإخفاق المؤسسات الحكومية.
فبعد مقارنة لمؤسسات حكومية عدة في المنطقة. للأسف، تبرز هذه المشكلة في دول المنطقة النفطية ذات الطابع الديموقراطي أو الشعبي مثل الكويت والجزائر وإيران. بينما تظهر أمثلة غاية في النجاح في السعودية وقطر والإمارات. وخير مثال على ذلك هو الشركة السعودية للصناعات الأساسية – سابك. فمنذ بدايات سابك في نهاية السبعينات، رفض غازي القصيبي أول رئيس مجلس إدارة للشركة، وبدعم مباشر من الملك فهد بن عبدالعزيز أي نوع من أنواع التوظيف غير المجدي (بالواسطة). ويمكن اليوم استعراض نجاحات سابك (%70 ملكية الحكومة) ومعدلات الشركة في الإنتاج (المبيعات) إلى عدد الموظفين والتي تعتبر من أعلى المستويات في قطاع البتروكيماويات في العالم.
نعود إلى الوضع في الكويت والتوظيف الكبير في الجهاز الحكومي، ألن يكون من الأفضل وعند التوظيف إرسال الموظف الجديد إلى دورات مهنية، وربط تثبيته أو ترقيته بالحصول على شهادات مهنية معترف بها عالمياً، ولا يمكن التلاعب للحصول عليها، كما هي الحال بالشهادات الأكاديمية؟ فتكون النتيجة موظفين على درجة جيدة من القدرات والمهارات حتى ولو من دون وجود حاجة حقيقية للتوظيف. ومن يدري، ربما وفي حال ارتفعت مهارات الموظفين الحكوميين تظهر أعمال ومهام جديدة للموظف تستغل قدراته، وتكون مفيدة بشكل كبير.
محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق