د.بدر الديحاني: حماية القضاء من تدخل السلطتين

خلاصة القول أن الدفاع عن قضية النائب د.عبيد الوسمي هي في حقيقة الأمر دفاع عن السلطة القضائية التي نحترمها ونفتخر بها، والتي يجب أن تبقى دائما مستقلة عن السلطتين وبعيدة عن أي تدخل من قبلهما أو قبل أي تجاذبات سياسية خاصة، وأن أحداث ديوان «الحربش» وكل ما ترتب عليها من تداعيات هي قضايا سياسية بالمقام الأول.

حادثة اعتداء قوات الأمن على النائب د.عبيد الوسمي في ديوان النائب جمعان الحربش والقيام بضربه وسحله، لم تكن قضية شخصية البتة، بل كانت قضية عامة كان لها ولا يزال صداها على المستويين المحلي والعالمي.
لذلك كان العالم كله يتابع ما سينتهي إليه حكم المحكمة الذي شكل في الحقيقة مفاجأة للرأي العام، خاصة أن مجريات أحداث ليلة الثامن من ديسمبر 2010 كانت تنقل على الهواء مباشرة بالصوت والصورة الحية، ولا تزال مقاطع الفيديو “اليوتيوب” موجودة على الإنترنت حتى هذه اللحظة، وليس هنالك في الدستور وقوانين الدولة ما يبيح لقوات الأمن استخدام القوة المفرطة لفض اجتماع سلمي غير مخالف للقانون والاعتداء بالضرب على النواب والمواطنين.
علاوة على ذلك فإن قيام قوات الأمن بضرب وسحل النائب د.عبيد الوسمي من الممكن، إن لم يعاقب مرتكبوه، أن يتكرر ويتعرض له أي إنسان آخر، لهذا فاهتمام الناس بالقضية يأتي لسببين: الأول هو قسوة وبشاعة ما شاهدوه في تلك الليلة رغم عدم مخالفة التجمع السلمي للدستور والقانون، والسبب الثاني هو لحماية أنفسهم من التعرض مستقبلا للموقف ذاته من قبل قوى الأمن التي استخدمت القوة والعنف المفرط ضد شخص مسالم حتى بافتراض أنه كان متهما، فهو قانونيا بريء حتى تثبت إدانته (مادة 34 من الدستور).
أما ما يطرحه البعض من تخوف مبالغ فيه مؤداه أن استياء الناس من حكم المحكمة أو انتقادهم له يؤثر سلباً في هيبة السلطة القضائية فإنه طرح يحتاج إلى مراجعة، فانتقاد الأحكام والطعن بها عمل يومي في أروقة المحاكم، ومن حق الرأي العام أي الأمة مصدر السلطات جميعا مراقبة السلطات كافة وانتقاد الأحكام في حدود القانون؛ مع احترامها واحترام القضاة أيضا والأخذ في الاعتبار أن القضاة بشر غير معصومين من الخطأ، بل تنقض أحكامهم ويخاصمون قضائيا.
بالإضافة إلى ذلك فإن القضاء سلطة تحتاج دائما إلى عملية تطوير وإصلاح حالها كحال أي سلطة أخرى، فليس هنالك في النظم الديمقراطية أي قدسية لأي سلطة، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة كما قال اللورد “أكتون”.
خلاصة القول أن الدفاع عن قضية النائب د.عبيد الوسمي هي في حقيقة الأمر دفاع عن السلطة القضائية التي نحترمها ونفتخر بها، والتي يجب أن تبقى دائما مستقلة عن السلطتين وبعيدة عن أي تدخل من قبلهما أو قبل أي تجاذبات سياسية خاصة، وأن أحداث ديوان “الحربش” وكل ما ترتب عليها من تداعيات هي قضايا سياسية بالمقام الأول.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.