سامي الابراهيم: عقوبة لمن يستحق التكريم

قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن كنت عضواً في مجلس إدارة شركة المشروعات السياحية، كان طموحنا بلا حدود، وكنا نؤمن وبلا حدود، أيضاً، أن الكويت من الممكن أن تكون بلداً سياحياً، ولما لا؟ سواحل ممتدة، بيئة صحراوية من السهل أن توظف سياحياً، سبعة أشهر من السنة جو شتوي وربيعي وبامتياز، يؤطر هذا وذاك اهتمام شخصي مشجع من رأس الدولة «المغفور له، بإذن الله، الشيخ جابر الأحمد الصباح».

الواجهة البحرية، أبراج الكويت، المدينة الترفيهية، منتجع الخيران، ذلك يكرس ويؤكد النهج والفكر الاستثماري والترويحي المتميز.

تلك مقدمة لأدخل في تفاصيل ما أريد قوله، كان وقتها وزيراً للمالية، طلب منا أن نعد دراسة علمية متأنية لجعل فيلكا منتجعاً جاذباً للسياحة الداخلية والخارجية، كان الكل يؤمن بأن مثل هذه الخطوة جديرة بالاهتمام لا بل أكثر من مهمة، فيلكا بعمقها التاريخي ومساحتها مؤهلة لأن تكون منتجعاً بامتياز للثقافة والعلوم وللراحة والاستجمام.

بدأنا الدراسة، وفي مخيلتنا حلم لأن نرى فيلكا الجديدة بفنادقها وسواحلها وحدائقها وملاعب للتنس والغولف ووسائل نقل بحرية سريعة ومريحة، تحريم وجود سيارات إلا للضرورة (إسعاف حريق… إلخ)، البيئة والمكونات سوف تفرض على الزائر أن يتجول ماشياً أو أن يستعمل دراجة هوائية أو عربات بتصاميم رائعة تجرها الخيول، وأخيراً تربط سواحل الجزيرة من خلال نقل آمن معلق بالهواء (تلفريك).

كان الحماس لا يوصف، فتمت الاستعانة بذوي الاختصاص، قدمت الدراسة بعد ثلاثة أشهر، كما أتذكر، وكأنها حلم لو تحقق حتى تاريخه، لا أحد يعرف أين ذهبت «الدراسة» وفيلكا لا تزال في أسوأ حال؟

ما حفزني أن أتذكر ذلك الحلم ما قرأته في بداية هذا الشهر من أن كلية الفنون الجميلة في جامعة دلمون البحرينية اختارت كويتيتين أحرزتا المركزين الثاني والثالث بامتياز في مشروع التخرج (مشاريع تخرجهم كانت تطوير فيلكا).

لا أدري إذا كان من المناسب في إتمام هذا المشروع الأزلي، وقد تنتفت أوصاله، أن نوجه نداء إلى الشيخة أمثال، وهي في واجهة من يحرص على الكويت «نريدها جميلة»، أن تتابع تلك الدراسة أو الفتاتين صاحبتي المشروع وتبرزهما إعلامياً وتحاول، وهي الحريصة على إنجاح مثل هذه المشاريع، احتضانهما وتعيد لنا نفس المغفور له، بإذن الله، الشيخ جابر الأحمد، وهي التي عايشت تلك الحقبة من الزمن بحلوها ومرها، أقول، وكما قال د. عبدالله العبد الجادر «إن السياحة الداخلية في الكويت ضرورة لتنويع مصادر الدخل، كما اقترح إنشاء هيئة مستقلة للسياحة».

أعود لأقول للشيخة أمثال، اطري عملك التطوعي البيئي، وبعد أن نلت تقدير سمو الأمير لجهودك بمنحك وسام الكويت ذي الوشاح وأنت بطبيعة الحال تستحقينه، فأنت متميزة في القيمة والقامة تضاعف تميزك عندما قدمته بدورك لمن عاونك وتطوع معك باهتماماتك الحضارية «بيئة، محميات، نشر ثقافة العمل التطوعي».

الكل يؤكد أن فيلكا وبقية الجزر بيئة صالحة للسياحة، وقد تكون واحدة من عناصر النجاح لبدائل النفط على المدى الطويل، ولا يوجد أجمل من أن أختم بالتذكير بدعاء سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد في العشرة الأواخر في شهر رمضان الفضيل سنة 1405 هــ عندما قال «دعوت الله في العمرة أن يحفظ على أبناء الكويت نعمة الوحدة، فلا يمزقها الاختلاف، ونعمة الحب فلا تدمرها الخصومات، ونعمة التقدم فلا تعوقها الأهواء»، لك الرحمة وجنات الخلد.

والله وحده الموفق،،

سامي الإبراهيم
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.