حسن كرم: شروط الأغلبية سلب لاختصاصات الأمير..!!

يبدو قد أعمى الغرور بصائر وعقول الأغلبية البرلمانية حتى راحوا يخلطون بين الاختصاصات الدستورية والقفز على السلطات، وباتوا يتصورون غروراً وزيفاً أنهم يمثلون كل السلطات وأن بمقدورهم أن يفعلوا ما شاء لهم أن يفعلوا بدون اعتراضات من الغير.
هذا الغرور بداية النهاية ليس للمسيرة الديموقراطية التي باتت متجذرة وعريقة ولا خوف عليها من العوارض أو العواصف العابرة، ولا هو تهديد للقضاء على الحياة النيابية التي باتت من التقاليد الكويتية، وعلامة من علامات الدولة العصرية، ولكن بداية النهاية لحفنة من النواب مخدوعين بأنفسهم ومخدوعين بكثرتهم ومخدوعين إذا هرول خلفهم بعض من ذوي الاحتياجات والمصالح والمطامع من المواطنين عامة أو من أبناء دوائرهم، فأوهموا أنفسهم بأنهم من القوة الشعبية أنهم لا يرد لهم امر ولا يعصى لهم مطلب وأنهم هم الدولة والدولة هم..!!.
نعود لنؤكد أنه لا خوف على ديموقراطيتنا ولا خوف على مسيرة مجلس أمتنا، فإن رحل المجلس مبكراً فقد أتى مجلس جديد ليحل محله ويكمل مسيرته، فالتقاليد الديموقراطية التي سارت عليها الكويت تماثل الديموقراطيات العريقة وعليه فمن يشكك بمسيرة الديموقراطية الكويتية، فهو في الواقع يعاني من أمراض الشكوك والوسا،س، فالخيار الشعبي والمشاركة في الحكم لم يعودا ترفا أو دكاناً يغلق ويفتح وإنما في كل الأحوال يظل خياراً بين الشعب والسلطة.
أزمة جديدة بين المجلس والحكومة، وهي أزمة كانت متوقعة، وهي في الواقع ليست أزمة جديدة، وانما فصل جديد في أزمة قديمة باتت مزمنة ومتعمقة، والتعامل معها أو استئصالها يحتاج إلى أدواء جديدة وعلاجات جديدة، وأحسب أنه كلما تأخر العلاج تعمق الوضع إلى الأخطر، فإن من يراهن على الزمن بوضع حد للأزمات لاشك واهم، فالزمن ليس في كل الأحوال مانعا للمشاكل وإنما قد يعمقها ويزيدها استفحالا ومخاطر خاصة مع تموجات العصر وتقلبات الزمن الراهن الذي صعد فيه وتوارى عنه العقلاء.
ولعلنا مخطئون إذا قلنا إن الأزمة استجدت مع رحيل أو استقالة وزير أو وزيرين وانكشاف ظهر الحكومة أو لتوالي الاستجوابات الشخصانية والسطحية من نواب وجدوا في الاستجوابات تعويضا عن فشلهم وخذلانا لناخبيهم عن وعودهم الانتخابية، فالحكومات السابقة لم تكن أفضل حال عن الحكومة الحالية، فكثيرا ما تعرضت الحكومات السابقة إلى استجوابات واستقالات لكنها ظلت متماسكة أو رفعت أمر الخلاف بين المجلسين إلى سمو الأمير.. إن الأزمة الراهنة ذات أبعاد سياسية ودستورية خطيرة، فالأغلبية النيابية التي تتشدق بقوتها لا تمثل خطا سياسيا واحدا حتى نستطيع أن نقول عنها إنها أغلبية معارضة أو أغلبية مؤيدة، وإنما تمثل مجموعة من المتناقضات والتقاطعات التي يمكن في أي لحظة أو ظرف أن تنقلب على بعضها وتنكشف سوءاتها.. ما يفرق الأكثرية أكثر مما يجمعها، فهي في الواقع أغلبية هشة، لكن تماسكها الظاهري راجع للضرورة المرحلية، التي إذا انقضت انقضت أيضا تلك الأغلبية.. فأنت إذا تابعت تصريحات بعض اعضائها وجدت تناقضا وتضاربا بين تلك التصريحات، من ذلك مثلا تصريح الناطق باسم التكتل الشعبي مسلم البراك الذي دعا رئيس الوزراء إلى توزير تسعة من الأغلبية حتى يضمن لحكومته التأييد وتجنب الاستجواب، فيما عارض عضو الأغلبية نائب رئيس المجلس خالد بن سلطان توزير الأغلبية بينما دعا فيصل المسلم وجمعان الحربش لتشكيل حكومة جديدة مع تأكيد عدم دخول اعضاء التنمية والاصلاح بالوزارة.
إذن لا اتفاق يجمع الاغلبية ولا قوة تضم هذه الاغلبية وانما هناك عنتريات وخدع سينمائية يصدرها البعض منهم كي يوهم بقوة ومتانة الاغلبية.
لعلي أجد ان الضغط على رئيس الوزراء بحل حكومته وتشكيل حكومة جديدة من الاغلبية هو خداع وهروب عن حل المجلس وتغطية وهروب من تلك الأغلبية المتورطة بتعويضات الداوكيميكال وتحديدا التكتل الشعبي الذي ورط الحكومة السابقة بقضية الداو وكتلة التنمية «حدس» الطرف الآخر في قضية الداو..!!.
إن فرض شروط على رئيس الوزراء بعدد الحقائب أو تحديد الوزارات وغير ذلك من الشروط هو تدخل بغيض وغير دستوري في اختصاصات صاحب السمو الأمير، وذلك لمبدأ فصل السلطات ووفقا للمواد (50 و52 و55 و56 و57 و58)، فسمو الأمير يتولى سلطاته بواسطة الوزراء ويعفيهم ويحاسبهم، فكيف جاز للاغلبية فرض عدد الوزراء أو تحديد الحقائب.
إن هذه الأغلبية اللاعبة والعابثة والمخدوعة بقوتها التي تقفز على حبال السلطات فمرة تتدخل في شأن القضاء ومرة في سلطات الحكومة وها هي تقفز على سلطات سمو الأمير..!! فهل هناك أكثر غروراً وجهلاً وافتئاتاً على السلطات..؟!!.
إلى أي داهية ستوصلنا هذه الأغلبية الجاهلة والعابثة والمدمرة؟!!
هل هم أدوات لمؤامرة كبرى على البلاد هدفها اضعاف الكويت واسقاط هيبة الدولة.
على رئيس الوزراء أن يعي إلى ما يخطط له وأن يتمسك بوزارته، ولا يخضع لارهاب الاغلبية العابثة المخربة.. وإذا كان من رحيل فليرحل هذا المجلس المأزوم والفاشل.

حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.