قلة من الوزراء تمكنوا من تحقيق اختراقات إيجابية على صعيد العمل الوزاري، وعملوا بصمت رغم أجواء التجريح، ومن أولئك وزير الأشغال د.فاضل صفر، الذي تحمل الكثير من التجني والفجور في الخصومة من البعض، ويمكن أن نتذكر كذلك عبدالعزيز الدخيل، وناصر الروضان، ود.يوسف الإبراهيم، ود.أنس الرشيد.
د.فاضل صفر، كما يبدو لي، عاقل في زمن مجانين مجلس الأمة، ممن لا يحترمون الدستور أو القانون، ويريدون قتل الناطور والعنب معا! أولئك الذين يريدون قطع شجرة من أجل الحصول على ثمرة كما وصفهم مونتسكيو، ومؤشر ذلك العقل قوله لإحدى الصحف: «حكمة العقلاء في المجلس والحكومة تجنب البلاد أزمات قد تخرج عن السيطرة، والدستور هو صمام الأمان، والفيصل في أي خلافات سياسية».
الوزير صفر وضع الإصبع على الجرح، فهناك في مجلس الأمة كتلة أغلبية تضم الكثير من العقلاء، لكنهم تركوا فراغا شغله المجانين، أو من يسمون في السياسة «وور مونجر»، مما أدى إلى تفويت فرصة كبيرة على الحركة الإصلاحية في البلاد لتمرير مشروعها، لتطوير المشهد السياسي بما يضمن الجماعية في العمل، وليس كما يحدث الآن من فوضى وفردية.
هناك من يتمترس بالنوايا الحسنة في مواجهة التجاوزات على الدستور، وعلى المال العام، لكننا في المحصلة النهائية نفاجأ بأن أولئك المتجاوزين تمكنوا من التملص من المحاسبة، بسبب أولئك المتمترسين، وكأنما هناك من ينسق بينهم، فلا نحن تمكنا من الحفاظ على الدستور، ولا نحن تمكنا من الحفاظ على المال العام، فهل نستمر في مثل تلك الأجواء؟!
ما قاله د.صفر صحيح، لن نستطيع الخروج من عنق الزجاجة الذي وضعنا فيه المجانين، إلا من خلال الحكماء والعقلاء، لكن أولئك تركوا الساحة وآثروا الصمت، خوفا من أن يدنس تاريخهم الوطني على يد «بشمرجة» مجانين مجلس الأمة، ممن لا يرون إلا أنفسهم في كل ذلك المشهد السياسي، حتى «صدقوا» أن البلد لا تسير إلا بهم، فإذا غربوا غربت شمسها.
حديث د.صفر يدعو أولئك إلى التواضع، ويطلب منهم أن يعقلوا ما يدور حولهم، فمن يريد الإصلاح عليه أن يعمل على تجسيده على أرض الواقع، دون المساس بحقوق الآخرين، ومن يريد الحفاظ على الوضع الفاسد لكي يضمن انتخابه المرة تلو الأخرى فلا يمكن أن يدعي أنه يعمل على إصلاح البلد، لأنه سينكشف في نهاية المطاف، فأنت تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، لكنك لا تستطيع خداع كل الناس كل الوقت.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق