صلاح العتيقي: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه

قد يسأل سائل: لماذا هذا التكالب على الترشح؟ وهل سيعود ذلك بالنفع على الناخب ويساعده على الاختيار السليم؟ الجواب ببساطة شديدة ان النيابة لها بريق، تنتشلك فجأة من العدم إلى دائرة الضوء. تصبح مقربا من أصحاب القرار، وكلمتك نافذة، تُقدم بالمجالس، ويصبح لك هالة حتى لو كانت قدراتك محدودة، ونجاحك تم بالصدفة أو ضربة حظ، أو أن من ساعدك على النجاح يريد ان يستخدمك من وراء الستار. ولو كانت ذمتك واسعة تستطيع ان تصبح ثريا في وقت قصير، لذلك يختلط الحابل بالنابل، الفقير والغني، الوطني وغير الوطني، الملتزم وذو الضمير الميت، وكل يدعي وصلا بليلى، وليلى لا تقر لهم بذلك.

ولا يشعر الانسان بهذه المكانة المميزة، الا اذا ترك المجلس او المركز، وانفض عنه السامرون، وسكتت الموبايلات عن الرنين، وان لم يعطك الله الحكمة والثبات، فسوف تصاب بما اصاب الكثيرين الذين يهلوسون الآن ليلا ونهارا، بعد ان تركوا المجلس، او تركهم المجلس. مع الاسف، الناس يحترمون الكرسي ولا يحترمون الشخص الجالس عليه. هذه الطبيعة البشرية المستحدثة في مجتمعنا تدل على مستوى النفاق الذي وصلنا إليه.

لا شك في ان تعدد المرشحين لا يساعد على الاختيار السليم، خصوصا بتقارب الطروحات التي ينادون بها. الغريب ان بعضهم يعلم انه لا يصلح للنيابة بجميع المقاييس، والاغرب من ذلك ان بعض الناس يشجعونهم، ولا تجد من عنده الشجاعة ليقول لهذه النوعية، ان هذا عبث يجب الكف عنه. الكثير منا لديه مقاييس ومواصفات للمرشح الجيد، ولكنه يظهر غير ما يبطن. لماذا لا نضع النقاط على الحروف؟ هل بالصراحة قسوة أو فجاجة بالقول؟ كثيرون يقولون نحن لا نريد ان نخسر الشخص اذا واجهناه بالحقيقة – وهي انه لا يصلح للنيابة – ولكنها الامانة تقتضي منك ان تكون صادقا حتى لو كانت الصراحة صادمة في بعض الأحيان.

أتمنى حين أقوم بالاختيار ان ادخل إلى ضمائر الناس لأعرف من الصادق ومن المفتري، ولكن لا يعلم الغيب إلا الله، وليس لنا الا الظاهر، فاحسنوا الاختيار يرحمكم الله.

* * *

• ملاحظة: سقطت سهوا فقرة من مقال «حكاية أجير»، مما ادى إلى عدم ترابط القصة.. أرجو المعذرة.

د. صلاح العتيقي
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.