نجاح مبهر للتجربة الديموقراطية الكويتية، فيما التجارب الديموقراطية في انحاء من العالم العربي، اما تتعثر واما تسحق بضراوة.
اقبال كثيف على التصويت على الرغم من حرارة الصيف، واجواء شهر رمضان.. وشفافية ونزاهة في عمل الجهات المشرفة على عمليات الاقتراع.. وصعود وهبوط في تمثيل هذه الفئة او تلك، في ضوء الانعكاسات الطبيعية للمشاركة او المقاطعة، وردود الفعل العفوية على شراء الاصوات والاتهامات المتبادلة، الخ.
«العالم يراقب التجربة الديموقراطية الكويتية لانها نموذج فريد»، على حد تعبير النائب الاول لرئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود.
هذا يحصل فيما بلدان عربية عريقة في العمل الديموقراطي تعجز عن اجراء انتخابات برلمانية، وحتى عن تشكيل حكومة. ولبنان مثال صارخ في هذا الصدد.. واقصى «انجاز» حققه المجلس النيابي عشية انتهاء ولايته هو قيامه بالتمديد لنفسه لسبعة عشر شهرا -قابلة للتمديد!- والآن سيتم على الارجح «تأخير تقاعد» قائد الجيش لسنة واحدة، فيما الخوف من الفراغ مسيطر على نفوس المواطنين!
.. وكيف اذا نظرنا الى التدهور الحاصل في مصر، بعد الثورة المتجددة والدماء الغزيرة، فلقد حرص حكم «الاخوان» على النكوص بالتعهدات، تمريرا لمشروع الهيمنة والاقصاء. وبعد سقوط محمد مرسي و«مرشد» الجماعة، جاء الحكم الجديد بدعم من ثلاثين مليون متظاهر، لكن المنحى «العسكريتاري» بات يلوح في الافق.. وقد تتحول الديموقراطية الى احلام وردية يطغى عليها كابوس الطغيان، او التمزق والاقتتال!
الآن، نقولها بصراحة: هل هناك بلد في العالم تعرض للغزو والاجتياح سعيا لالغائه عن الخريطة، وبعد التحرير واندحار الغزاة اصر الحاكم واصرت القوى الفاعلة على مواصلة النهج الديموقراطي، فلا احكام عرفية ولا تخويف وترهيب، ولا خوف من المجهول؟
الكويت تكاد تكون نموذجا فريدا في هذا المجال، بالمقارنة مع ما حصل حتى في اعرق دول اوروبا وآسيا. فكيف اذا نظرنا الى ما تشهده عشرات الدول المستقرة امنيا والتي لا يتهددها عدو خارجي، لكن حكامها يناصبون شعبهم العداء، او يخادعون من خلال اجراء عملية انتخابية مزورة اصلا، ام يتباهون بفوز الحاكم -والى الابد- بنسبة 99 في المائة من الاصوات.. ومن قبيل التواضع فانهم يقبلون التخلي عن الواحد في المائة المتبقي!
د. نبيل حاوي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق