لم يكن يوم الأمس يوما عاديا في مسيرة الكويت، بل سطر أهلها حبهم والتزامهم وحرصهم على الوطن، وتدافع عدد كبير منهم الى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في مجلس الأمة، ولعل ما يشعرك بالزهو والفخر كمواطن هو حرص كبار السن ممن قدموا على كراسيهم المتحركة في هذا الجو اللاهب، سيدات مسنات وشيوخ مسنين، الى مراكز الاقتراع ومنذ الصباح الباكر لقول كلمتهم في حق الوطن، لقد تخوف العديد منا من تضاؤل حجم المشاركة لظروف الصيام والطقس، وزاد قلقنا باستشراء المال السياسي وتزايد عرضه في جميع المناطق، وتردد الكثيرين في المشاركة ممن شككوا في مدة استمرار المجلس واحتمالية جدية الاصلاح وشكلية المشاركة، ولكن عزيمة الناخبين كانت اقوى، كما ان النتائج الأخيرة اثبتت تطور الوعي الانتخابي الى درجة واضحة، فالتغيير شمل العديد من الدوائر، وتقدم المرشحون ذوو الطرح الوطني والموضوعي، وتراجع او خسر كثير من المرشحين ذوي المواقف الضبابية، والمصلحية، وكان ذلك دليلا على فطنة المواطن وحرص الأغلبية على مسيرة الكويت، وبقراءة إجمالية سريعة يجب ألا ننكر أنه مازال هناك الكثير من المثالب التي رافقت هذه الانتخابات، كالفرز الطائفي البغيض في بعض الدوائر وعلى رأسها الأولى، وكان ضحية ذلك الفرز عدد من العناصر الوطنية المخلصة، كما حرم قرار الالتزام القبلي، الذي ابتلي به كثير من الدوائر، عددا من شباب القبائل الواعدين من الوصول الى المجلس، وظهرت بوضوح سطوة العلاقات العائلية أو الفئوية بشكل كبير. أملنا كبير في أن تكون هذه النتائج هي الخطوة الاولى في مسيرة الاصلاح الوطني المطلوب، فطريق الاصلاح طويل وقائمته المستحقة ممتدة، وعلى رأسها اصلاح السلطة التشريعية نفسها، ومحاربة الظواهر التي تشوب العملية الانتخابية أولا، ومن ثم ممارسات أفرادها نواب الشعب بعد فوزهم، ولابد من التذكير بضرورة التصدي لمثالب نظام الصوت الواحد نفسه عن طريق البرلمان ووفق آلياته الديموقراطية، فلعلنا بتعاوننا نستطيع الدفع بالديموقراطية الراقية وتطوير آلياتها لحماية وطننا وصيانة كرامة شعبه.
وفق الله الجميع وحفظ الكويت من كل مكروه..
د. موضي عبدالعزيز الحمود
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق