صالح الشايجي: رثاء قبل الموت

لا أظن أن كويتيا واحدا على هذه الأرض الكويتية لا يخالجه شعور بالخوف على مستقبل مجلس الأمة الجديد، وما إذا كان سيتم عمره أم أن قضاء بالموت المبكر سيعاجله وينهيه في زهرة شبابه مسجى على هذه الأرض التي شربت كؤوس الخيبات السياسية المرة وتجرعتها مرارا كأسا في إثر كأس.

منذ سبع سنوات لم يكمل مجلس عمره الكامل ولم يمت مجلس ميتة طبيعية، واسباب الموت المجلسي المبكر كثيرة ومتعددة ومتنوعة، فإما سوء أداء من أحد طرفيه – النواب أو الحكومة – وإما أخطاء قانونية ودستورية، أو مزايدات وتشنجات وخروج عن المألوف وعن جادة الصواب الديموقراطي.

بكل السيوف يموت المجلس، برهافها ومثلومها، وما نبا سيف قط، وكلها تصيب مجلسنا بمقتل. ترهلت العملية الديموقراطية في بلادنا وشاخت وشاهت وذبلت على حوافها غصون الأمل وتساقطت وريقاته صفراء ميتة، وسريعا ما يقفز الخريف البرلماني الى عمر مجلسنا فيجعله كالعرجون القديم. هي حالة رثاء ممتدة الحروف متجددة الكلمات، تلبس أردية سوداء وإن تجددت تلك الأردية، سوداء حزن وإن كانت جديدة.

ولست هنا لأرثي من ولد في الأمس الباكر في ليل رمضاني يركع فيه الخلق ويسجدون، يصومون نهارهم ويطعمون ليلهم، ولكنني هنا لكي أقرع الجرس في ضمائر الخلق الخمسين من ذكور وإناث الذين تسيدوا المشهد البرلماني القادم والذي ندعو له بتمام العمر واكتمال المدة، فنرجو أن يحسنوا ولا يسيئوا، ومن جاء منهم بسيف حزاز، ولسان هماز لماز غماز.

أقول له أغمد سيفك فلست في دار حرب ولست واليا علينا ولا وليا، واحفظ لسانك وعلمه حسن القول وارم بذاءاته في البحر تتطهر، ولا تأتنا ناصحا وهاديا ومرشدا، ولا تعتل منبرا تقوّم من عليه أخلاقنا، ولا تفتح أبواب الجنة لتحشرنا فيها، فكل امرئ أدرى بباب جنته وكيف يهتدي إليه ويلج منه إلى حيث ابتغى، وما لديك من نصح وولاية ووصاية احفظه لنفسك وأهل بيتك، أما نحن فلست وصيا علينا ولا كفيلا بنا.

نريد من هذا المجلس الوليد أن يعمل في ظل دستور نزيه غير مخدوش فيلغي كل القوانين اللادستورية، فهل يفعل؟

لن يفعل!!

إذن فليمت بلا حسرة عليه!
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.