بصندوق الاقتراع قال الشعب كلمته, وهو ما يعني الايفاء بالوعد الذي قطعه المواطنون على أنفسهم لسمو الأمير عندما زحفوا على قصر سموه مجددين البيعة له في رد وطني على أصحاب الحراك العبثيين.
اليوم سقطت الاراجيف والتهم والتضليل والدجل والمسيرات الهزيلة التي قادتها حفنة “الا الكرسي” وأدت الانتخابات بنظام الصوت الواحد الى مخرجات عادلة تمثل كل شرائح المجتمع بالقسطاس, فلا عذر لأي كان كي يتلكأ عن العمل لما فيه مصلحة هذا البلد, اذ يكفيه ما شهده طوال السنوات الثلاث الماضية من أزمات مفتعلة عطلت مؤسساته ومشاريعه ودفعت الناس الى حافة اليأس, لكن حكمة ولي الأمر والقيادة السياسية حسمت الأمر وأعادت الامل الى الجميع.
اليوم لدينا مجلس أمة يبدو للوهلة الاولى مغايرا لما سبقه من مجالس كانت بمعظمها ضحية للتحالفات المشبوهة, وكتل التأزيم, والمحاربين “الدونكشوتيين” الذين كان همهم الاول والاخير المشاحنات والتلويح بالاستجوابات والابتزاز السياسي. لدينا حاليا مجلس مطلوب منه الانجاز واستكمال مسيرة إنقاذ الكويت من الدوران في حلقة مفرغة, بشرط ان تقابله حكومة بمستوى مخرجات الانتخابات التي تعتبر تاريخية, وعلامة فارقة في المسيرة البرلمانية الكويتية.
حكومة لا تتقاعس في العمل وتنفيذ المشاريع, متحررة من عقدة المحاصصة والخضوع لهذا التيار او ذاك, فما قاله الناس في الانتخابات أنهى مرحلة صفقات التوزير التي كانت تتحول عبئا, ليس على مجلس الوزراء فقط, بل على الكويت ككل.
بعد كل هذا لابد من تحديد المواقف بوضوح, فلم يعد من الجائز ان تكون هناك مواقف حيادية, إذ لا حياد في الأمن الوطني والتنمية الاقتصادية والقضايا الوطنية الكبرى, ولا ازاء التهم الباطلة وحراك العبث الفوضوي, فإما ان نكون مع الشعب والوطن أو لا نكون, أما تلك المواقف الانتهازية فلم تعد تجدي نفعا بعد ان تغيرت طبيعة الحياة السياسية, فاليوم الموقف يوازي بأهميته الموقف من الاحتلال الصدامي عام 1990, ولا يمكن المساومة على المصير الوطني.
لقد اختار الكويتيون دولة المؤسسات ما يفرض ألا يكون هناك أي تهاون في تطبيق القانون, لاسيما ان هذا وعد القيادة السياسية للشعب, وهو ما جعل الجميع يتجهون الى صناديق الاقتراع في ما يشبه الاستفتاء على تطبيق القانون بلا محاباة ولا مجاراة وتهاون, او خضوع لهذا او ذاك, فالناس لا تريد أكثر من الاستقرار والتنمية والخروج من نفق التخبط واستغلال حماسة الشباب للزج بهم في متاهات المصالح الشخصية لبعض طلاب الكرسي الذين زادت أوهامهم بعدما نبذهم الشعب وكثرت تخاريفهم.
نعم, طوى الكويتيون صفحة الأمس بهذه المخرجات البرلمانية التي عبرت عنهم, ولذلك لابد لبعض التيارات السياسية والشخصيات من فهم هذه الرسالة الشعبية جيدا وقراءة مفرداتها بهدوء, فالفرص التاريخية لا تتكرر كل يوم.
أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق