انتهت انتخابات المجلس لتنتهي معها مرحلة أخرى من مراحل الحياة الديموقراطية في الكويت، وبغض النظر عن معطيات ومسببات كل من قاطع أو شارك ومحاسن ومثالب نظام التصويت وما صاحب مرسوم الصوت الواحد من تأييد ومعارضة وما تلاه من حكم للمحكمة الدستورية في تحصين المرسوم وفي حل المجلس الأخير بسبب عدم دستورية المرسوم بقانون والخاص بانشاء الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، فان الانتخابات الأخيرة قد أفرزت عددا من المعطيات المهمة التي لا يجب أن نغفل عنها في تحليلنا لنتائج الانتخابات والتي سأقوم بشرحها بتجرد وبكل حيادية بعيدا عن العاطفة وحتى توجهاتي الشخصية.
أولا، فلقد شهدت الانتخابات الأخيرة ارتفاعا في نسبة التصويت على الرغم من العوامل التي واجهت هذه الانتخابات كونها تجرى في شهر رمضان المبارك وفي شهر يعتبر من أشد الأشهر حرارة في السنة، وهو ما يعطي انطباعا أن الانتخابات الحالية شكلت لدى الكثير مرحلة تحول في مسيرة الحياة الديموقراطية في الكويت وبالتالي تعتبر نقطة نجاح ولو كانت موقتة في تجاوز الحكومة لعثرة المعارضة الكبيرة لمرسوم الصوت الواحد.
ثانيا، ان ارتفاع نسبة المشاركة، وبنسبة وصلت إلى 52 في المئة وهي النسبة المعلن عنها حتى ساعة كتابة هذا المقال، قابلها ثبات في نسب التصويت تقريبا في كل من الدائرة الأولى والثانية والثالثة، مما يؤكد أن نسبة المقاطعة الأكثر تأثيرا كانت في الانتخابات الماضية في الدائرتين الرابعة والخامسة.
ثالثا، أن الناخب الكويتي قد اتجه إلى اعطاء فرصة أكبر لفئة الشباب من المرشحين وقد نتج عن ذلك نجاح نسبة لا بأس بها من الشباب في جميع الداوئر ممن تقل أعمارهم عن أربعين عاما، ولا شك أن ذلك سيشكل فرصة ثمينة لاثبات وجود هذه الفئة ودورها في رسم مستقبل الدولة ومصيرها.
رابعا، أن كثيرا من أعضاء المجلس المبطل لم يحالفهم الحظ في الانتخابات الأخيرة، وهذا يرجع بشكل مباشر إلى عدم رضا الشارع عن أداء المجلس الأخير، أو ربما بسبب رغبة الناس في احداث مزيد من التغيير أملا في أداء أفضل للمجلس المقبل يعيد إليه دوره المفقود في التشريع والرقابة.
خامسا، تظهر مخرجات المجلس الحالي، أن كثيرا ممن حالفهم الحظ هم من كانوا يدعون إلى الاستقرار والى الجنوح للانجاز. كما أن كثيرا ممن كان يدعو إلى الاثارة والى مهاجمة أداء الوزراء ومهاجمة شخوصهم لم يحقق النجاح، أو شهدت أصواتهم على الرغم من نجاحهم نسبة انخفاض كبيرة مما أثر على مراكزهم في دوائرهم الانتخابية. وقد يكون لذلك محاسن ومثالب كثيرة، فهناك تخوف من أن يكون المجلس الحالي كسابقه موالٍ حتى النخاع في الحق والباطل مع الحكومة، الا أن البعض يعتقد أن ما حدث قد يكون الفرصة الأخيرة لاختبار جدية الحكومة.
سادسا، شكلت الانتخابات الأخيرة النسبة الأعلى من حيث ارتفاع عدد الضبطيات المتعلقة بشراء الأصوات من خلال مرشحين في كل من الدائرة الثالثة والرابعة والخامسة، هذا بالاضافة إلى تقديم عدد من البلاغات الأخرى التي يجري حاليا التحقيق فيها، وهذا ما يدعو إلى وجوب أن تقابل تلك الآفة بوقفه جادة حتى لا تتفاقم، لما قد تسببه من اساءه للممارسة الديموقراطية.
سابعا، أن هناك تفاؤلا لدى النسبة الأعظم من مؤيدي مرسوم الصوت الواحد وممن شارك، من مخرجات الانتخابات الأخيرة ومن قدرة أعضاء المجلس الجديد في اعادة مسيرة الحياة الديموقراطية، التي عانت كثيرا من انتكاساتها المتكررة إلى مسارها الصحيح.
ثامنا، وهو الأهم وكما كان متوقعا، أن الانتخابات الأخيرة قد عانت كثيرا من حجم الاصطفاف الطائفي والعائلي في الدائرة الأولى والثانية والثالثة والقبلي في الدائرتين الرابعة والخامسة وهو ما قد يشكل منحنى خطيرا لعواقبه الوخيمة في تقسيم الكويت طائفيا وقبليا وعائليا، الا أن هذا النظام في المقابل قد سمح للأقليات في أن يكون لها تمثيل أكبر في تشكيل خارطة المجلس.
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق