أقول للزميل علي البغلي إنني لم استغرب كما استغرب هو في مقال له أن تقف القوى الأصولية (إخوان – سلف)، والمحافظة (القبلية)، ضد تعيين الدفعة الجديدة لوكلاء النيابة الـ 62، ومن بينهم 22 وكيلة نيابة، لأول مرة، التي رفض وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية التوقيع عليها لأنه كما قال، لا يريد أن يوصم تاريخه السلفي بالعار بالتوقيع عليه لوجود 22 وكيلة نيابة في القائمة.
هذا القرار أثبت أن سمو أمير البلاد هو خير سند للمرأة حين طلب من الشيخ صباح الخالد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء التوقيع عليه، بعد أن تعطل كثيراً، لأن القائمين عليه يخلطون بين الدين والدولة، فهم يقدّمون قناعاتهم الدينية على حقوق المواطنين بالتساوي، فلا ضير عندهم أن تظلم المرأة فتحرم من منصب تستحقه لمجرد أن صاحب القرار فيه يرى أنها لا تستحقه، ليس لعدم كفاءتها وخبرتها بل لأنها امرأة لا يحق لها الولاية العامة… ومن خلقها امرأة أليس هو رب العالمين؟ فلماذا تحمل تبعات أمر لا يد لها فيه؟
لم استغرب ذلك لأنهم لم يجدوا من يقف أمامهم طوال السنوات السابقة ويرفض أسلوبهم ودكتاتوريتهم، فكانت الأمور تتعطل والظلم يتوسع لمجرد أنهم غير مؤمنين بكفاءة وحقوق المرأة أو غيرها لأنها أو لأنه لا يقع في دائرة الرضا والأولوية لأي سبب كان، دينياً أو دنيوياً.
بعد أن تعثر هذا القرار طويلاً بسبب ميول وزراء العدل السابقين واتجاهاتهم، لم ير هذا القرار النور إلا بعد أن طرح على الرأي العام وتناولته أقلام مخلصة تؤمن بالمساواة وحقوق المرأة وحقوق الإنسان، إضافة إلى جهود من أصحاب العلاقة، والأسمى من ذلك توجيهات صاحب السمو بالتوقيع عليه لإيمانه الكامل بدور المرأة الكويتية وقدرتها وكفاءتها.
وأنا لا استغرب، أيضاً، ما استغربه الزميل البغلي من صمت القوى الوطنية التقدمية الليبرالية، وعدم مساندتها القرار أو حتى الاهتمام به بأي شكل من الأشكال، لأن القائمين على هذه الجمعيات والمؤسسات، التي أصابها الشلل منذ فترة للأسف، كانوا يخلطون بين المواقف الشخصية والقناعات الخاصة في شتى المجالات، كما لاحظنا في الأحداث السياسية الأخيرة، حين انعكست مواقفهم على نشاطات جمعياتهم ومؤسساتهم التي انتخبهم لها كويتيون قد يحملون مواقف تتعارض مع توجهاتهم السياسية أو غيرها، إلا أن بعض القائمين عليها آثروا أن يفرضوا وجهات نظرهم على نشاط الجمعية أو المؤسسة دون الرجوع إلى الجمعية العامة، فأصابها الشلل من باب التزام الصمت هو الحل.
وآخر هذه الموضوعات، موضوع الصوت الواحد ومقاطعة الانتخابات، فقد أغلقت بعض منظمات المجتمع المدني أبوابها والتزمت الصمت، ولم تتحرَّ الموضوعية في أن تتيح المجال للرأي والرأي الآخر داخل مقراتها بغض النظر عن موقف القائمين عليها، فأغلقت أبوابها عن كل شيء ونامت.
وكانت المرأة، للأسف، أول المتضررين من هذه السلبية حين لم تقف معها في الانتخابات الأخيرة وقبلها، إضافة إلى امتناع الوزير المعوشرجي عن التوقيع على قرار تعيين وكيلات النيابة، ووقفت الجمعيات النسائية وحقوق الإنسان والخريجين والمحامين وكل منظمات المجتمع المدني المؤمنة بالدستور وحقوق الإنسان موقف المتفرج والسلبي بسكوتها ولا مبالاتها.
وكما امتنع الوزير المعوشرجي عن التوقيع لأنه خلط بين الدين والدولة، كذلك تلك الجمعيات والمنظمات صمتت حين خلطت بين القناعات والمواقف الخاصة وأمور المجتمع التي هي من صميم نشاطها ورسالتها.
أنا لم أستغرب أخي الفاضل علي البغلي عدم تحركهم، ولكنني كنت سأستغرب تحركهم، وهذا ما لم يحصل كما توقعت.
إقبال الأحمد
iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق