أسندت رأسها على كتفي تبكي أباها، وكيف لها أن لا تبكي مثل هذا الأب… عزاؤك وعزاؤنا يا دكتورة ندى أن والدك رحمه الله قد ترك ذكرى طيبة لمسيرة حافلة قضاها في خدمة وطنه في مواقع عدة، فبدأ في مجال التعليم ثم انتقل إلى النفط، ثم إلى مجال التنمية، ولم يبخل بجهده ولا بفكره عن خدمة أبناء وطنه. لذلك يا ندى لم يكن سليمان المطوع أباً لك وحدك وإنما كان أبا لأجيال من شباب الكويت وأبنائها.
شخصياً زاملت المرحوم في ميادين الخدمة العامة في الكويت وما أكثرها، ولكني عرفته عن قرب في لقائنا السنوي في منتدى التنمية لدول الخليج العربية الذي حرص رحمه الله على حضوره سنويا،ً وحتى اجتماعنا الأخير في فبراير الفائت، على الرغم من مظاهر المرض التي بدت واضحة على جسمه وصحته، ولكن العزيمة والالتزام -اللذين اتصف بهما رجال ذلك الجيل ومنهم المرحوم طوال معرفتي به، هما السبب في خدمة الوطن والمواطن ، ولا أنسى أبداً عندما انضممت إلى منتدى التنمية عام 1986 وكنت أجلس أراقب المشاركين آنذاك وعلى رأس الطاولة وجود رجال ونساء أخيار من جميع دول الخليج العربية، ولكن كانت هناك مجموعة من رجال الكويت أعضاء في المنتدى والذين كانوا لي شخصياً وغيري من المشاركين قدوة في العمل ومثالا في خدمة الوطن في شتى ميادينه، رحلوا عن دنيانا ولكن ستعيش معي ذكراهم دائماً ومنهم يوسف إبراهيم الغانم وعبد الله يوسف الغانم وسليمان المطوع (رحمهم الله جميعاً) فلم يبخل هؤلاء الكبار علينا نحن جيل الشباب (آنذاك) بالنصح والرأي وظل تواصلهم مع الجميع حتى رحلوا عن هذه الدنيا الفانية.
ولا أزال أذكر كلمات أبي حسام عندما شغلتني أعباء الوزارة عن حضور المنتدى وهاتفني يسأل عن سبب غيابي قائلاً: «أم أحمد احرصي على التواصل والحضور ولا يشغلك شيء عن التواصل الفكري مع زملائك في المنتدى فهذه الدائرة وهمّها التنموي وسيلة طيبة للدفع بتطوير مجتمعاتنا ولو بالرأي والقلم وهما أضعف الإيمان في وقتنا هذا». لله درك يا أبا حسام فلقد صدقت: فالتواصل الفكري الذي أوصيتنا به أصبح ضرورة في وقت عز فيه الرأي وانحرف القلم وتراجعت الشجاعة وتصدرت فيه المصالح واختل القياس.
رحمك الله يا أبا حسام وعوضك خيرا من دنياك، جنات الخلد إن شاء الله، ورزق أهلك ورفيقة دربك وأحبابك الصبر والسلوان.
د. موضي عبدالعزيز الحمود
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق