ودعت الكويت رجلاً من الاخيار خدمها في مناصب ومهمات عدة, وكان نعم الأمين على وطنه ومهمته. رحل ابو مناور العم أنور النوري وغاب عنا لتبقى ذكراه في سجلات الذاكرة الكويتية. وفي ذاكرة كل اصدقائه وطلابه وأيضاً في ذاكرة كل الذين عملوا مع هذا الرجل الخلوق المتواضع, رحل عميد أسرة النوري, بعد معاناة مع المرض.
لقد كانت لي زيارات كثيرة واتصالات ولقاءات مع هذا الرجل الفذ منذ أن عرفته عندما كان وزيراً للتربية وبدأت حكايتي مع العم ابو مناور عندما كنت ناظر ثانوية الصباح عندما قام بزيارة تفقدية للمدرسة في بداية العام الدراسي عام ,1987 ثم كانت لي زيارة الى مكتبه في العام المشؤوم قبل الغزو عام ,1990 ونقلت له تظلماً فبادر, رحمه الله, الى تلبية طلبي وأصدر قراراً بإطلاق اسم “جدي المرحوم الملا إدريس بن جاسم الادريس” على احدى المدارس الابتدائية في منطقة مبارك الكبير, ومنذ تلك اللحظة تأصلت علاقتي مع هذا الرجل الكبير في اخلاقه ومواقفه, ولم أتعامل معه على أساس انه وزير, ولكن تعاملت معه كأحد الاعمام, وكنت كلما زرته في الديوان يطلب مني الجلوس بقربه ويتبادل الحديث معي.
في عام 1990 طلب مني تولي مراقبة العلاقات العامة في وزارة التربية, ولكن اعتذرت لأسبابي الخاصة, آنذاك, كنت ناظر مدرسة ثانوية وكنت أتمنى العمل في المناطق التعليمية, فطلبت تغيير المراقبة إلى إدارة فطلب مني تصوراً وقدمت ذاك التصور, ولكن بقيت في مدرستي!
وعندما عملت مديراً للعلاقات العامة في جامعة الكويت كانت لي اتصالات ومواقف لن أنساها مع العم أبو مناور وأيضاً عندما عملت مستشاراً لصحيفة الجامعة حرص, رحمه الله, على الاتصال بي واهدائي نسخة من كتابه في “مرابع الذكرى” وطلب مني توزيع الكتاب على كل المسؤولين في الجامعة واعضاء هيئة التدريس واستأذنته في نشر الكتاب في صحيفة “آفاق” وأيضا في احدى الصحف المحلية, فكان متعاونا معي في هذا الرأي, وعندما دشن الدكتور مبارك العبيدي كتاب “حكايتي مع الجامعة” حرص ابو مناور, رحمه الله, على حضور حفل التدشين في مقر “آفاق” لاهتمامه وتقديره العظيم للاستاذ الدكتور مبارك العبيدي أطال الله في عمره!
في الحقيقة غاب عنا أبو مناور, رحمه الله, ونحن نستعد للاحتفال به بمناسبة مرور 35 عاما على صدور الصحيفة الجامعية “آفاق” التي كان , رحمه الله, حريصاً على اقتنائها وقراءتها.
نعم, ودعت الكويت واحداً من اعلامها ورجالها الكبار الذي ستبقى ذاكرة الوطن وذاكرتنا في ذكراه دائما. من حق أنور عبدالله النوري على الدولة تكريمه وتخليد ذكراه, وكذلك جامعة الكويت التي أهدته “الدكتوراه” الفخرية تخليد ذكراه لأنه يستحق هذا الشرف, وتبقى “خاطرة” إلى آل النوري الكرام في هذا المصاب الجلل نقول: رحم الله العم “أبو مناور” عميد الأسرة الكريمة, ورئيس مجلس أمناء جمعية عبدالله النوري الخيرية, التي يجب عليها تكريم وتخليد العم أبو مناور, طيب الله مثواه, باطلاق أسمه على جائزة خيرية في مجال العلم والمعرفة والعلوم والثقافة والأدب.
رحل الفقيد أنور النوري وتبقى آراؤه وزاويته القيمة في الزميلة “القبس” نبراساً للذاكرة الكويتية.
تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته “وإنا لله وإنا إليه راجعون”! وذاكرتنا وذاكرة الكويت لن تنساك يا أبو مناور رحمك الله!
****
رجال الكويت الشرفاء!
بعد رحيل العم شيخنا الكبير شيخان أحمد الفارسي والمربي الفاضل سليمان عبدالرزاق المطوع نودع علما آخر هو العم أبو مناور , أنور النوري, والدولة بالتأكيد ستستذكر هؤلاء الرجال الشرفاء.
* كاتب كويتي
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق