عامر التميمي: انتخابات جيدة.. ولكن

انتهت انتخابات مجلس الأمة في الكويت، والتي جرت يوم السبت 27 يوليو الماضي، وحصدت مشاركة ما يقارب 52 في المائة من الناخبين في البلاد. وقد أظهرت نتائج الانتخابات فوز بعض المرشحين المستقلين، ومن الشباب الذين ولدوا بين عامي 1960 و1981، بما يؤكد بروز طبقة جديدة في المجمع السياسي، لا بد لها أن تقود الحركة السياسية خلال العقود المقبلة. كما أن كثيرين من الأعضاء ممن يحملون شهادات جامعية متخصصة، بما قد يفيد أعمال السلطة التشريعية ومراقبتها لأداء السلطة التنفيذية. ولا شك في أن كثيرين من المراقبين أبدوا تفاؤلاً بعد ظهور النتائج وهم يأملون في أن يكون بإمكان هذا المجلس الجديد القدرة على التعاون مع السلطة التنفيذية ويكمل فصله التشريعي بالتمام، بعد أن تعطلت المجالس السابقة بالحل الدستوري، أو إبطال المحكمة الدستورية لأسباب إجرائية. ويتعطش الكويتيون إلى استقرار سياسي بما يمكن من تحقيق أهداف التنمية المعلنة، ويساهم في إصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية ويرتقي بأداء القطاعين العام والخاص، ويؤدي إلى إصلاح التركيبة السكانية، وبما يزيد من مساهمة العمالة الوطنية في النشاط الاقتصادي في كل القطاعات. وغني عن البيان أن الأهداف التنموية تتطلب توافقاً مجتمعياً واسع النطاق، لا يعني ذلك التطابق في الآراء والمفاهيم، ولكن التوافق المطلوب هو الاتفاق على الآليات والأدوات المقبولة ديموقراطياً وبموجب نصوص الدستور من أجل دفع مسيرة الإصلاح والتنمية من دون عراقيل أو تأزيم. وكما هو معلوم فإن الأجندة المتوقعة لمجلس الأمة ستكون ثقيلة، وتتطلب وعياً من الأعضاء. كذلك، فإن الانقسام السياسي الذي مرت به البلاد خلال العامين الماضيين يستدعي مبادرات تصالحية من قبل مجلسي الأمة والوزراء وكل القوى المجتمعية والسياسية، وبما يعزز القدرة على مواجهة الاستحقاقات الوطنية قاطبةً.

أهم مما سبق ذكره، إذا كان هناك مراقبون متفائلون بأداء هذا المجلس، فإن تشكيل مجلس الوزراء يظل أكثر أهمية. هناك أهمية لاختيار وزراء أكفاء سياسياً ومهنياً لمواجهة متطلبات مهامهم. لا تزال مؤشرات التنمية في الكويت دون المستوى المنشود، خصوصاً في مجالات التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية والخدمات. كما أن الكويت، على الرغم من مداخيلها السيادية المتميزة، والتي تحقق لها فوائض مالية واضحة، فلا تزال بعيدة عن متطلبات ومعايير الاقتصاد العصري. يظل النشاط الاقتصادي معتمداً على أدوات الإنفاق العام ويفتقر القطاع الخاص الى المساحة المناسبة لأداء دوره في العملية الاقتصادية، حيث تهيمن الدولة على أعمال القطاعات الأساسية.

أما قوة العمل الوطنية فهي ذات دور هامشي، ولا تشكل أكثر من 16 في المائة من إجمالي قوة العمل في البلاد، وتتكدس في أعمال ووظائف الحكومة والقطاع العام، وتشكل نسبة مهمة، منها بطالة مقنعة بشكل مثير! أما التعليم فهو التحدي الكبير أمام الكويت، حكومةً ومجلسَ أمةٍ ومجتمعاً، وأكدت الدراسات الرصينة أن هذا التعليم يعاني من معضلات موضوعية، تتمثل في المؤسسة المدرسية والمناهج والهيئات التدريسية، يضاف إلى ذلك أن هناك قصوراً في التعليم المهني، ولا تزال السلطات المعنية غير قادرة على صياغة أنظمة ملائمة لهذا التعليم النوعي، كما أنها لم تتمكن من تطوير حوافز لدفع الكويتيين للانخراط في مجالات هذا التعليم من أجل التمكن من الارتقاء بدور العمالة الوطنية. هذه تحديات مهمة أمام مجلسي الوزراء والأمة، وليس هناك أهم من هذه التحديات.

عامر ذياب التميمي

(باحث اقتصادي كويتي)
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.