استشار الشيخ عبدالله السالم الرئيس جمال عبدالناصر ان كانت هناك طريقة للخلاص من التهديد الذي اطلقه عبدالكريم قاسم بضم الكويت الى العراق في مؤتمر صحافي في وزارة الدفاع وذلك في 25 يونيه 1961.. اي بعد اعلان الاستقلال بستة ايام، بدل ان يبارك للكويت في اعلان استقلالها في 19 يونيه 1961.. بينما سارعت معظم الدول في تهنئة الكويت باستقلالها.
الرئيس جمال عبدالناصر حمّل الوفد الكويتي تحياته لامير البلاد الشيخ عبدالله السالم مع تبريكاته لاستقلال الكويت.. وقال للوفد ان مصر لا تجد الحل عندها وانه لا يذهب بجيش مصر لمحاربة دولة عربية.. وقال هناك معاهدة دفاع قائمة بين بريطانيا والكويت يمكن الاستعانة بها.. عاد الوفد واخبر الامير عبدالله السالم، عندها تمت الاتصالات مع الحكومة البريطانية.. فقالت فليكن في ذلك مراسلات.. فقال عبدالله السالم ان الموقف لا يتحمل المراسلة.. ان الجيش العراقي يمكنه الدخول الى الكويت خلال ساعتين وكان ذلك رأي حكيم قال عبدالله السالم على القوات الحامية ان تحضر خلال 48 ساعة، وبالفعل حضرت القوات ورابطت رغم حرارة الجو في آخر شهر يونيه وحمت البلاد.
فارعوى قاسم وقاطع الدول التي اعترفت بالكويت المستقلة حتى عزل العراق عن العالم الى ان قام عليه الشعب العراقي ونفذت قوة عسكرية حكم الاعدام به في ثورة 14 رمضان، 8 فبراير 1963.
٭٭٭
في 7/16 يوليو 1990 هدد صدام حسين الكويت والامارات المتحدة واتهمهما بانهما تتلاعبان في الانتاج النفطي واتهم رموز البلدين بالعملاء فاجتاحت الجيوش العراقية الكويت في 1990/8/2 وتحدت الحكومة العراقية الامم المتحدة واثارت دول العالم، واغضب ذلك العدوان الرئيسين حسني مبارك والملك فهد بن عبدالعزيز لان صدام اعطى لهما وعدا موثقا بانه سوف لا يعتدي على الكويت.
الشيخ عبدالله السالم صد التهديد بعد ان استقطب رأي جمال عبدالناصر ومشورته بالاستعانة في معاهدة الدفاع الانجليزية.
وعند تهديد العراق في 1990/7/16 كان امام الكويت فرصة متسعة من الوقت لاتخاذ التدابير اللازمة للاستعانة بمعاهدة الحماية الانجليزية التي استعان بها عبدالله السالم، بالاضافة الى معاهدة 1979 الصادرة من الولايات المتحدة الامريكية التي جاءت في كتاب ريتشارد نيكسون، ومن نصوص الوثيقة (على حكام السعودية والكويت والدول الاخرى التي تملك مفاتيح حقول النفط، ان يُضمن لهم بعيدا عن اي لبس او غموض انهم اذا وقعوا تحت أي تهديد خارجي فان الولايات المتحدة سوف تساندهم بقوة وتعاضدهم كي لا يتكرر معهم مصير الشاه ولا يكفي ان يتم الاستعداد لذلك وانما يلزم الكشف عن هذا الاستعداد وعلى الامريكيين الا يكتفوا بالعزم على استخدام القوة اذا لزم، وانما عليهم البرهان ايضا بانهم سيقومون بذلك وسوف تبذل الولايات المتحدة كل جهودها وان كلفها ذلك التضحيات).
ركنت الكويت على طمأنة من خدعهم صدام بأنه سوف لا يعتدي على الكويت لذلك لم تلجأ الحكومة الكويتية الى معاهدة الدفاع البريطانية، ولا الى ميثاق نيكسون الذي أشار اليه الجنرال موريس شميث رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الفرنسية الذي شارك مع قواته في تحرير الكويت.. جاءت هذه الاشارة الى ميثاق الرئيس نيكسون في كتابه (من ديان بيان فو، الى الكويت) صفحة 152.. ترجمة وعد الطايع.. وكرر الرئيس بوش الاب ذلك لسعادة سفير الكويت المرحوم سعود ناصر الصباح لطلب الحكومة الكويتية للتدخل لانقاذ البلاد وركنت الى طمأنة الرؤساء الذين كذب عليهم صدام حسين.. وقال بوش لو طلبت الكويت التدخل لكان ذلك اكثر سلامة للكويتيين والجيوش المرافقة التي تحالفت لانقاذ الكويت..
وقال الجنرال شميث ان صدام حسين لم يقرأ ميثاق الرئيس ريتشارد نيكسون او قرأه ولم يستوعبه.. وقال شميث: ما حدث من اعتداء على الكويت واحتلالها من القوات العراقية الغازية في 1990/8/2 ينبغي ان لا ننسى ذلك، مع مضي الوقت ومع المناورات الاعلامية، التي تجد لها ارضا خصبة في البلاد التي لا يملك فيها الناس، حرية التعبير، وحتى في بلاد اخرى، حيث تقود امبريالية ثقافية الى تحليل موجه مسبقا للقضايا الكبرى الدولية.. وهكذا كان الامر في الولايات المتحدة الامريكية في اواخر الستينيات من القرن العشرين حيث قام سلاح الجو الامريكي بمهاجمة قواعد فيتنام الشمالية وقواتها التي كانت قد احتلت قسما مهما من كمبوديا ومرت عشر سنوات حتى كشفت الصحافة الامريكية من هو المعتدي في اواخر السبعينيات.. المناورات الاعلامية التي حذر منها الجنرال موريس شميث عصفت بالكويت وازالت حادثة الاعتداء والغزو من المناهج الدراسية لكي تنسى، وازالت عبارة اعتداء العراق وجيشه واستبدلت ذلك بهجوم وغزو صدام حسين وليس كمثل الحروب في التاريخ عندما احتلت جيوش الحلفاء، والجيش الالماني والايطالي وجيوش فرنسا بقيادة نابليون وخدع الاعلام الكويتي وكتاب الصحافة بالمناورة الاعلامية فازالوا عبارة اعتداء العراق او اعتداء الجيش العراقي لتكون الخطيئة باسم شخص واحد وهو صدام لتخفيف الوقيعة الاجرامية الكبرى لتجنب اثارة المعتدين والاكتفاء بالقول بالاعتداء الصدامي متناسين الفرق الجرارة التي اجتاحت الكويت؟
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق