منذ أن عرفته قبل 50 عاما تقريبا كان دائما حريصا على قول الحق في أي قضية يتعرض لها، سواء كان ذلك بالنسبة للأشخاص أو الدول. وكان صريحا دائما ومقالاته الأخيرة في جريدة القبس والتي كانت تظهر علينا بين حين وآخر، كانت تتعلق بقضايا الوطن وقضايا أخرى تهم الإنسان العربي. وكان كعادته رحمه الله صريحا وواضحا ينم عن فكر مبين ورؤى مستقبلية وتشخيص للقضايا التي تعاني منها هذه الأمة. وكان دائما يتعرض للمشكلة بكل صراحة وايجابية، هكذا كان دائما بصراحته حتى منذ أن كنا صغارا وطلابا في بريطانيا. وكانت هذه المواقف دائما تميزه عن الباقين رغم أن بعض مواقفه تغضب البعض لأنه كان دائما صريحا، وكان رحمه الله كالمرحوم والده الشيخ عبدالله النوري الذي عرفه اهل الكويت لوضوحه وصدق آرائه وخفة دمه عند تعرضه للقضايا بروح مرحة وبأسلوب واضح يعجب كل من يستمع اليه ويقرأ له، وكانت هذه الروح تظهر في مقالات الأخ أنور النوري.
كذلك كان مبدعا كعادته في جميع المناصب التي شغلها في حياته، وكان بذلك دائما مع من زاملوه في العمل حبا وتقديرا في العمل لانه كان يعامل جميع العاملين معه بالتساوي والاحترام وليس كرئيس لمرؤوسيه. هكذا هو دأب المبدعين الذين يكونون دائما قدوة وحافزا لمن يرأسهم بتواضعه واحترامه لجميع العملاء.
هكذا دائما هم الطيبون ومن يعيش في مهام وقضايا غيره من البشر، ويحس بما تعاني منه الأمة من مآس كثيرة، وهكذا ذهب من كان يحمل هم الأمة، وقليل من الناس كان مثل الأخ أنور، رجل يفتقده الداني والبعيد بغيابه، ولكن الله سبحانه وتعالى بيده مصير البشر وقد يختطف المتميزين من أفراد الأمة. وكان وقع اختفاء المرحوم أنور النوري كالصاعقة على جميع محبيه، وهكذا هي الدنيا حين يرحل الجيدون والمتميزون يتركون فراغا كبيرا في قلوب الكثيرين، وكذلك المجتمع كان بصورة دائمة تشغل الأخ أنور قضاياه ومشاكله، ورأينا مئات الآلاف من الناس الذين أتوا لتأبينه عند الدفن في المقبرة وبعد ذلك بالديوانية. إن أمثال الأخ انور يتركون في قلوب الكثيرين أسى وحزنا عميقا، وان اختفاءه السريع يجعل واقعة الوفاة أشد وقعا على كل محبيه، ولكن هذا هو حكم الله، ويجب أن نتقبله من دون نقاش، وستبقى ذكراه في قلوبنا لفترة طويلة لأن ما تركه الأخ أنور قليلون من يستطيعون إملاءه.
وهكذا نتقبل قدر الله، وتبقى قلوبنا تدعو له بالغفران والجنة، وندعو الله أن يلهم اهله ومحبية الصبر والسلوان، آملين أن تكون مكانته في عليين من الجنة ويلهمنا جميعا الصبر والسلوان. رحمك الله يا أخي الحبيب أنور، وستبقى ذكراك دائما وأبدا، أخوك عبدالرحمن.
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق