بات من الضروري ان يفهم بعض النواب (الساقطة نيابتهم) ان مسرحيتهم انتهت, ولم يعد ينفعهم تقمص دور شمشون وتهديداته بهدم الهيكل على من فيه, لأن هؤلاء رسموا بأيديهم طريق انتحارهم السياسي, ولم يدفعهم أحد اليه غير عنادهم وتوهمهم أنهم القوة التي تفرض اجندتها على الدولة والشعب. على هؤلاء ان يفهموا أيضا, ان القضاء حين يقول كلمته يستند بذلك الى قوة القانون ولا ترهبه تهديدات, او يشغله صراخ البعض عن مهمته, ولذلك بعد ان قالت أعلى محكمة في الكويت كلمتها لم يعد أمام الجميع الا الانصياع لحكمها.
تلك الجماعة تهدد مجددا بالنزول الى الشارع وبالتجمع في ساحة الارادة, واذا كانت عزفت في السابق على وتر ما أسمته”الايداعات المليونية” و”التحويلات الخارجية”, و وجد هذا اللحن من يطرب له, لم يعد ينفع الان اي لحن تعزفه أوركسترا النعيق بعد انكشاف الحقيقة, وانه لا تحويلات ولا ايداعات ولا من يحزنون, فبماذا سيدلسون على الناس اليوم? هل سيقولون لهم ان هدفهم ابتزاز القضاء والسيطرة عليه, أم سيقولون انهم يزحفون على صلاحيات السلطة التنفيذية وحتى على مسند الإمارة, وهل يتوهم هؤلاء ان الناس ستطربهم المعزوفة الجديدة? ألم يفهموا ان الغالبية الشعبية اكتشفت زيفهم, وحتى لو كان هناك بعض من يصدقهم فلن يغير الحقيقة?
ها هي الميادين, الأكبر من ساحة الارادة بعشرات المرات, يتجمع فيها الالاف, أكان في مصر او غيرها, ولكن الدولة حين تقول كلمتها لا يرهبها ضجيج الساحات, لذا عليهم ان يفهموا ان الساحات والشوارع ليست حكرا على فئة ضد أخرى, والغالبية الصامتة من الكويتيين ملّت الصمت.
هؤلاء النواب الساقطة نيابتهم بقوة حكم المحكمة الدستورية يجعجعون نتيجة خوفهم من المحاسبة الشعبية ليقينهم ان كل ما فعلوه في الأشهر القليلة من عمر المجلس الملغي كان مجرد تصفية حسابات شخصية وانتقام وتعطيل مصالح البلاد والعباد, ففي تلك الفترة طلبوا وشكلوا 25 لجنة تحقيق, لم يتركوا وزارة الا وتدخلوا بصلب صلاحياتها وأرادوا إخضاعها للتفتيش, وكأن الدولة كلها كانت تعوم على بحر فساد, فيما كان هدفهم الحقيقي ارهاب المؤسسات لاخضاعها, وحاولوا استكمال مخططهم بارهاب الشعب عبر القوانين التي اقترحوها وأقروا بعضها لتكون السوط الذي به يجلدون كل من يعارضهم.
لقد أثبتت التجربة إفلاس من كانت تعتبر نفسها غالبية في المجلس الساقط من تاريخ العمل البرلماني الكويتي, وإنها لا تملك الا الضجيج فقط, غير مدركة ان الناس يعرفون ان القطارات الفارغة يعلو صوت ضجيجها, وهكذا نواب لا يعرفون غير التهديد والوعيد ليسوا أكثر من قطارات فارغة.
في ظل هذه الحقيقة على الدولة ألا ترضخ لتهويل جماعة مفلسة, وعارية شعبيا, وألا تقبل ان تحول تلك الميليشيا مجلس الأمة مرة أخرى الى مجمع محاكم تفتيش, بل عليها تطبيق الدستور والقانون الذي يحميها ويحمي الشعب, وألا تدغدغ مشاعر الظاهرة الصوتية وتغازلها خوفا من جعجعتها, فبعد ان قال القضاء كلمته وأسقط بحكم دستوري مجلسا لم يكن دستوريا, وأعاد بقوة الدستور المجلس الشرعي, لم يعد أمام الدولة الا ان تثبت انها حامية مؤسساتها وشعبها وليست دولة ترضخ لكل من يصرخ في وجهها. وعلى الجميع, شعبا ونوابا ووزراء, إدراك ذلك فليس مسموحا لأحد ان يقدم هدايا سياسية على حساب الكويت وشعبها, وهنا نسأل بأي حق, مثلا, يقول وزير الاعلام ان الحكومة على موقفها من قضية حل المجلس المنتخب عام 2009, وعلى أي أساس تحكم الحكومة على مجلس لم يمارس دوره, بل لم تقسم اليمين الدستورية أمامه, وتقول إنها ستطلب حله? أإلى هذا الحد بات إرهاب ميليشيا الظاهرة الصوتية مرعبا?!
أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق