أعتقد أن الموقف الخليجي الداعم للسلطة المصرية ينبع من إدراك سياسي عميق لحجم تناقضات عالمنا المعاصر, بل يعكس الموقف الكويتي والسعودي والإماراتي الرسمي المساند للإرادة المصرية الحرة رفضاً لكل أنواع الاستغلال والانقسام والتحزب الفكري والسياسي السلبي. فمشكلة بعض من اعتلوا قسراً العربة الهوجاء لما يُطلق عليه البعض “الربيع العربي” هو ممانعتهم لاستقلال “الدولة الوطنية” وما تمثله من رفض لكل أنواع الاستغلال السياسي. فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن تقبل الشعوب والحكومات الوطنية الحرة أن يتم استغلال إرادتها الوطنية الحرة لتنفيذ أجندات حزبية ضيقة ستؤدي بشكل أو بآخر لوقوع تلك الدول الوطنية تحت نير الفرقة والانقسام وتحت نير المؤامرات العالمية المعاصرة. فالموقف الخليجي الداعم للشعب المصري وقيادته الوطنية الحالية يعكس رغبة عربية صريحة في تكريس الاستقرار والأمن الاقتصادي والسياسي في الدول العربية والتي يواجه بعضها تحديات مصيرية في عالم دولي شديد التعقيد ترتكز فيه العلاقات الدولية على قدرة الدول التي تشترك باللغة وبالدين وبالثقافة القومية على التوحد في مواقفها المصيرية.
من يهللون للربيع العربي يرفضون فكرة “الدولة الوطنية” ويحاولون ربط مصائر الشعوب العربية بأجندات حزبية تفريقية تحقق فقط أهدافهم الحزبية والفكرية ضيقة الأفق. فيعمل هؤلاء التفريقيون ضد الاستقرار الاجتماعي والسياسي والتنموي في بلدانهم. فمن يحاول استغلال الدين لتنفيذ أجندات سياسية تفريقية تعلي من شأن المصالح والأهواء الحزبية الضيقة على متطلبات ومسؤوليات المواطنة الوطنية الحقة, يحاول ترسيخ التفرقة والانقسام في المجتمع الوطني. فالموقف الخليجي الداعم لمصر الشقيقة يؤكد حرص دول الخليج العربي على الحفاظ على استقلال وحرية القرار الشعبي والوطني المصري.
تملك الدول الحق في الدفاع عن نفسها ضد الارهاب وضد أجندات التحزب وضد دعوات الفرقة والانقسام في المجتمع الوطني. ومن هذا المنطلق, وحفاظاً على الاستقرار الاجتماعي وحفاظاً على تماسك اللحمة الوطنية في مصر الشقيقة في خضم تناقضات دولية مختلفة, يصبح الموقف الخليجي الداعم لاستقلال قرار الدولة المصرية الوطنية هو الأكثر عقلانية والأكثر إدراكاً لتعقيدات عالم متغير تروج فيه الفتن والقلاقل والاضطرابات.
أؤيد شخصياً الموقف الرسمي الخليجي الداعم لاستقلال القرار الوطني المصري, بل أعتقد أن الموقف الكويتي والسعودي والإماراتي الداعم للسلطة المصرية الوطنية يعكس حنكة سياسية خليجية متميزة. فأكثر ما تحتاجه الدول العربية في عالمنا المعاصر هو وضوح رؤيتها السياسية وتمكنها من الحفاظ على استقلال قرارها السياسي الوطني في وجه تحديات عالم متغير.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق