
لا حيادية في الأزمات الاخلاقية، بمعنى إذا كانت هناك أزمة أخلاقية وعدم الالتزام بالقانون وتجاوز المبادئ وتقديم مصالح، أيا كان نوعها ومصدرها، على مصلحة الوطن، فالحيادية غير مقبولة.
المشهد المصري كان واضحا وضوح البدر في السماء، وكان هناك مشهدان على صدر وسائل الإعلام: أحدهما كان ينقل الصورة العامة والمشهد الكلي. فيما انحشر إعلام بغيض أسود سواد القائمين عليه في زوايا محددة ضيقة، ? يريد أن ينشر سواها، فيعيدها ويكررها ويزيد ويعيد فيها ليلا ونهارا، فيما أحداث ووقائع مهولة كانت تُحرق فيها كنائس ومساجد، ويُقتل فيها رجال أمن ويُسحلون ويُحرقون وتُمثل بجثثهم، وتُلقى فيه سيارات عسكرية من أعلى الكباري، وتُحرق سيارات الإطفاء ومراكز الشرطة والبنوك.
أحداث أبطالها ملثمون، عصبوا رؤوسهم بعبارات التكبير والتهليل، يتسلّحون بأثقل أنواع الأسلحة، يتمشون بين الناس، يتخفون بينهم، ويتمترسون بهم.
هذا النوع من الإعلام المتحيّز غير مقبول، ومرفوض وملعون أيضا، لأنه انحياز قذر. أما الموقف العلني مما يجري على أرض الكنانة، فالحيادية فيه مرفوضة رفضا كاملا، لأنه لا مكان للحيادية هنا، الوضوح والقوة مطلوبان في تحديد المواقف إزاء زمرة إرهابية تنتهج سياسة الأرض المحروقة إذا استشعرت قرب فقدها، إما أن تحكم هي، وإلا فليحترق الجميع ويحترق الوطن.
موقف الكويت جاء لاحقا لمواقف عربية سبقتها، وهذا مؤسف بحد ذاته، في الوقت الذي كان يُفترض أن تكون الكويت أول الداعمين لمصر العروبة في أزمتها، أسوة بدور مصر الريادي إبان أزمة الغزو العراقي.
بعض المنتمين لتيار الإخوان المسلمين أو الداعمين له أعربوا عن تبرئهم من موقف الكويت، حيث قالوا «إنه مخز ولا إنساني من تأييد مجرمي وانقلابيي مصر، الذين سفكوا دماء وانتهكوا حرمة بيوت الله»، ونحن بدورنا نقول: اللهم إننا نفخر بموقف حكومتنا، رغم أنه ليس بالقوة اللازمة بتأييد إجراءات السلطة المصرية ضد المجرمين، الذين قتلوا وحرقوا ودمّروا وأرعبوا أهلنا، وعاثوا فسادا في مصر أم الدنيا.
***
• إذا كان الخبر صحيحاً حول تبرّع سمو الأمير بإصلاح كل الكنائس والمساجد التي أُحرقت وتضررت خلال الأحداث الأخيرة في مصر، فنحن نشكره على هذه اللفتة الجميلة، ونتمنى أن تنسحب على الكويت أيضا في تسهيل وبناء مزيد من الكنائس لإخواننا المسيحيين على أرضنا الطيبة.
إقبال الأحمد
iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق