تفتقر الدول العربية عموماً، والكويت خصوصاً، إلى الإحصائيات التي يمكن الاعتماد عليها لمعالجة أي مرض أو ظاهرة صحية، بينما يهتم الغرب بهذه الأرقام، خصوصاً عند التخطيط لمعالجة الكثير من الظواهر التي تستدعي ذلك. وتهتم شركات الأدوية اهتماماً كبيراً بالأبحاث التي تحاول من خلالها الدخول إلى مسببات وأسرار الأمراض، وذلك لاكتشاف الأدوية وتسويقها.
سنتحدث اليوم عن مرض يصيب الكثيرين، تقول الإحصائيات الأميركية إن هناك ما يقرب من 30 مليون مصاب بالتهاب المفاصل (الركبة) في الولايات المتحدة، والذي يتراوح بين الألم المزعج والألم الذي يشل الحركة. وفي الآونة الأخيرة بدأنا نلاحظ في المساجد كثرة المصلين الجالسين على الكراسي، وذلك لعدم مقدرتهم على السجود.
التهاب مفاصل العظام هو حالة تشبه الصدأ المعدني، والطب لا يوفر إلا المسكنات أو تبديل المفاصل، مع أن التمارين الرياضية وتخفيف الوزن واستعمال بعض المكملات الغذائية مثل: غلوكوسامين وكوندرويتين، قد تساعد في حل المشكلة. الجدير بالذكر، أن التهاب المفاصل يختلف من شخص إلى آخر، وحدته متغيرة لعدة أسباب.
غير أن هذا المرض هو من أسعد الأمراض بالنسبة لشركات الأدوية المصنّعة للكثير من العقاقير المخففة لهذه الآلام، فهو مرض غير مميت، والمريض لا يشفى، والمرض يستمر مع الإنسان سنوات طويلة، لذلك لن يتوقف استهلاك الأدوية، وبالتالي لن تتوقف الأرباح.
ظهر في الأفق منذ ما يقرب من 15سنة جيل جديد من الأدوية، هما: «السيليبريكس» و«فيوكس» وقيل إنهما المعجزة التي ستجعل مرضى المفاصل يرقصون فرحاً وليس المقدرة فقط على المشي من دون ألم، وهذا هو سبب نجاح هذين العقارين. ففي عام 1999، استولى هذان العقاران على %60 من العلاجات وقيمة لا تقل عن 8 بلايين دولار، وقد روج لهما في وسائل الإعلام بصورة مذهلة، ولكن هذه الإعلانات قد حجبت حقيقة أن هذين العقارين لا يختلفان كثيراً عن المسكنات كالأسبرين والباراسيتمول، وبعد سنوات من استخدامهما ظهرت مقالات هزت هذه الثقة في هذين العقارين، وهو أن زيادة استعمالهما تؤدي إلى نوبات قلبية، وسكتات ناتجة عن جلطات يسببها هذان العقاران، ودارت معارك طاحنة على صفحات المجلات، بعضها مؤيد وبعضها معارض وانتهت بإيقاف بعضها أو استخدام مضادات للتخثر بجانبهما مثل: الأسبرين، أو «كوتس 2».
يقول بعض العلماء إن المفاصل تبلى مع مرور الوقت، خصوصاً الغضروف، وهو الوسادة المطاطية على طرفي العظام، وفي المراحل المتأخرة من المرض تحتك العظام وتضغط على بعضها بطريقة مؤلمة، وهو ألم مستمر يشبه ألم الأسنان لا يفتر ولا يتوقف وقد يصاحبه تورم والتهاب، يقول معظم الأطباء إن تهتك الغضاريف ليس جزءاً طبيعياً من عملية الشيخوخة، إذا لماذا يفلت ناس ويصاب آخرون؟ الجواب: إن هناك بعض الناس مبرمجين جينياً للإصابة، ربما لعيوب في إنتاج مادة الجيلوتين، ولكن قطعاً أن زيادة الوزن تضع ثقلاً ميكانيكياً على المفاصل، وكما أن الإصابات المتكررة تؤدي إلى ذوبانها، وبالنهاية تسريع عملية التآكل.
العلاجات الآن تركز على المفاصل الصناعية للتخلص من الألم وهذه المفاصل تدوم من 10 إلى 20 سنة.
نعم، كلنا يتمنى أن يعيش حياة بلا آلام، نبتلع الحبوب ونقوم بواجبات حياتنا اليومية رغم الآلام المستمرة نرسم ابتسامة على وجوهنا.. وهذه هي الحياة.
د. صلاح العتيقي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق