أعتقد ان عمر الشعوب لا يقاس بالزمن، ولكن بما تقدمه هذه الشعوب للإنسانية وللتقدم وللابداع، لقد تولدت لدي قناعة باننا لم نبلغ سن الرشد بعد، ولم ننضج لكي نشارك بالحياة العلمية الحقيقية. نحن شعب أغلبه متفرج فقط لا يساهم في إنتاج شيء، بل عالة على شعوب العالم الاخرى. الشعب الذي يكون همه ان يأكل ويشرب ويسكن في فلل فخمة وفنادق خمس نجوم، وفقيرة وغنية يقتني اغلى الموديلات والماركات، وينتظر ما تجود به الحكومة من رواتب واكراميات، ويضغط على نوابه للمطالبة بالمزيد من دون مقابل من الإنتاج، وفي الوقت نفسه يتخلى عن انجاب قادة للفكر والعلم والابداع، لا شك انه شعب يحتضر.
لدينا الآن الالاف من حملة الدكتوراه والماجستير والعديد من الرسائل الجامعية، معظمها مضروب أو منقول او مسروق او تافه، ولا أدل على ذلك إلا كونها لم تغير من واقعنا شيئا، ولم تكشف لنا مخترعا او من قدم للانسانية شيئا يذكر. حتى المجالات التي لا تحتاج إلى ابداع عالي المقدار أو تكاليف باهظة، كالفنون والآداب والدراسات الإنسانية لم نستطع وضع بصمات لنا عليها. يجب ان ننتقل إلى عالم المشاركة الفعالة، أي ان ننتقل من عالم المتفرجين إلى عالم الفاعلين، ولن يكون ذلك ونحن نعيش الرفاهية المصطنعة، فالابداع يحتاج إلى عرق وجهد واخلاص وتحد، ومع الاسف لا نجد هذا في مجتمعنا وشعبنا في القريب المنظور.. أليس لنا عقول مثل الاخرين؟ أليس لدينا امكانات هائلة مادية وزمنية لا تتوافر للشعوب الاخرى؟ ألم توفر الدولة العلم والابتعاث الى جميع اصقاع الارض، لعل وعسى ان يظهر من يرفع رأس هذه الأمة؟ لماذا سبقتنا دول كنا في يوم من الأيام لا ننظر لها بعين ولا نعطيها أي اعتبار؟ لماذا اصبحنا في مؤخرة الركب على جميع المستويات؟
لقد شدني جزء من تقرير طوني بلير عن تصور العالم للكويت، يقول «ينظر للكويت الآن انها بلد تتمتع بامكانات كبيرة ولكن متأخرة عن غيرها، أي انها بلد دون قدراته الحقيقية، وهي بلد الفرص الضائعة، كما انه ينظر إليها انها دولة من الماضي، هذه التصورات لها تأثير في نفوذها الدولي وطموحاتها الاقتصادية».
أرأيتم نظرة العالم لنا؟ بلد متخلف، بلد الفرص الضائعة وبلد من الماضي.. فهل نتعظ؟ ومن يغير هذه المعادلة؟
د. صلاح العتيقي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق