أحمد الجارالله: الكاميكاز حسن نصرالله

أزفت ساعة الحقيقة ولم يعد أمام حسن نصرالله ما يحول دون ترجمة ما أعلنه في آخر ظهور متلفز له الى واقع. ها هي البوارج الحربية الاميركية ترابط قبالة السواحل السورية بانتظار قرار الكونغرس تخويل الرئيس أوباما إصدار الأمر التنفيذي لبدء العمليات العسكرية ضد نظام دمشق, فهل هناك مواجهة أهم من مواجهة “الشيطان الاكبر”؟ بالطبع لا.
إذن هذه هي المنازلة الكبرى. ألم يقل نصرالله: “اذا استدعى الأمر ان أذهب بنفسي الى القتال في سورية سأذهب”؟ ها هو الأمر يستدعي وبإلحاح ما بعده إلحاح, فالمواجهة لن تكون هذه المرة مع “الشيطان الاصغر” اسرائيل, بل مع “الشيطان الاكبر” أي ان الحادث الجلل قد وقع, فليخرج نصرالله من سردابه ويتجه الى سورية للمشاركة في “صد العدوان الامبريالي على رأس حربة الممانعة والمقاومة”.
إذا كان حزب السلاح, كما زعم أمينه العام عام 2006 “قادرا وحده على التكفل بمهمة صد عدوان اسرائيلي” ذهب ضحيته 1300 مواطن لبناني وآلاف الجرحى, وهدم الكثير من المدن والقرى في جنوب لبنان بالاضافة الى تدمير البنية التحتية على كامل الاراضي اللبنانية, فهو قادر, دون شك, على صد “الهجوم الاميركي على سورية” وتحقيق أمنية زعيمه بالشهادة في ساحة الوغى.
نصرالله المتخيل نفسه “سوبرمان” العصر لا يحتاج الى أكثر من ان يستقل سيارته ويذهب الى السواحل السورية ليرابط مع محازبيه في مواجهة القوات الاميركية وصد صواريخ “توماهوك”, ويا حبذا لو كان أول “الاستشهاديين” البحريين منفذا عملية انتحارية بإحدى المدمرات الاميركية المرابطة في عرض المتوسط, إذ ذاك يكون قد سجل براءة اختراع باسمه في العمليات “الاستشهادية البحرية” لأن من لديه هذه الطاقة الكبيرة من العنتريات المتلفزة والقادر على إطلاق التهديدات بكل الاتجاهات بأسرع من الضوء, لاشك أنه يتمتع بقدرة شخصية تدميرية تفوق أطنان المتفجرات, وأضعف الإيمان ان يستقل طائرة مقاتلة ويجعل من نفسه “كاميكاز” عربي, ففي الحالتين سيحتفظ لنفسه بشرف دخول التاريخ كأول زعيم سياسي هوى بطائرته على مدمرة أميركية او اصطدم بزورقه المتفجر بحاملة طائرات, بدلا من قطعه الطرق وتفتيش المارة والسيارات والاعتداء على الديبلوماسيين في الضاحية الجنوبية.
نعرف أن نصرالله الذي يقاتل الشعب السوري بأبناء “بيئته الحاضنة” لن يفعل ذلك, ولن يجرؤ على الخروج من سردابه, فها هو عندما أعلن الرئيس الاميركي اتخاذه قرار شن عمليات عسكرية على قوات النظام السوري, التزم الصمت ولاذ بجحره لا يلوي على شيء, ولذلك بات مطالبا اليوم, وأكثر من أي وقت مضى, باثبات مصداقيته في ما يطلقه من تهديدات وان يفي بالوعد الذي قطعه على نفسه, أمام الالاف في الصعود شخصيا الى ساحة المعركة الكبرى, وإلا سيبقى مجرد أراجوز يمتعنا باطلالاته المسرحية المتلفزة التي تذكر بأحمد سعيد ويونس بحري ومحمد سعيد الصحاف الذين تتلمذوا على أيدي غوبلز النازي, بل يبدو أنه فاق أساتذته في الكذب والتدليس والادعاء, ولن يخرج من جحره لأن عند نصرالله وعود شاشات التلفزة يمحوها دوي صواريخ الـ”كروز”.

أحمد الجارالله

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.