حتى وإن تضاربت الأقوال بشأن استمرار مجلس 2009 لعدة جلسات شكلية, أو إلى ما بعد انتهاء العطلة الصيفية. وفي كل الأحوال, سيكون مصيره الحل, هذا ما لمح إليه وزير الإعلام في كل لقاء إعلامي يظهر به. وإزاء هذا القدر المحتوم, ترى من يقبل لنفسه المشاركة في مجلس مؤقت, وهو يعلم إن وجوده فيه مرهون بتصحيح مسألة إجرائية, وبعد إتمامها يعود لمنزله! استحلفكم بالله, من يقبل بهذا لنفسه? لقد شاهدتم بأم أعينكم كيف فر عدد كبير من النواب من تحمل مسؤولياتهم الوطنية, وراح كل منهم يعلن استقالته, موهمين العامة بأن الاستقالة من مجلس “القبيضة” عمل بطولي ومشرف. ولكنهم بوجوههم المكشوفة, لم يستحوا من أنفسهم ولا من جماهيرهم, حين لحسوا استقالاتهم أمام المحكمة, وتمسكوا بعضويتهم في مجلس “القبيضة” تهربا من تطبيق العدالة عليهم!
لقد بح صوت الكثيرين وهم يطالبون المؤزمين بالانسجام مع أنفسهم وتقديم استقالاتهم من مجلس 2009 حين كانوا أقلية بلا حول أو قوة, وكرروا طلبهم ثانية بعد إثارة قضية الإيداعات, ولكن أبطال الوقت الضائع صموا آذانهم, وكانت مشاركة “القبيضة” مجلسهم, على قلوبهم أحلى من العسل…! الوطنية يا سادة, ليست شعارات ترفع, وإنما هي مواقف يوثقها التاريخ وتتناقلها الأجيال. الوطني الحقيقي, هو من يقدم مصلحة بلاده على نفسه واسمه وسمعته وتاريخه, الوطني الحقيقي, هو من لا يختبئ ولا يفر أو يتوارى عندما يحتاجه وطنه, وإنما يهب لنجدته, دون اكتراث لأي أضرار قد تصيبه. السيد جاسم الخرافي, فعل هذا, فجسد بفعله, المثال الحقيقي للرجل الوطني الشريف, ففي حين تهرب الكثيرون من مسؤولياتهم وخلقوا مأزقا حقيقيا للسلطة برفضهم المشاركة في مجلس ,2009 قطع الخرافي إجازته, وعاد لينتشل البلاد من أتون أزمة حقيقية!
اسألوا أنفسكم, لماذا يفعل الخرافي ذلك? ما الذي يجبر رجلا بمكانته وصيته وتاريخه أن يدير مجلسا معلوم المصير? خصوصا وأنه أعلن سابقا عن عدم ترشحه للانتخابات واعتزاله المناصب العامة, وبالتالي لن يلومه أحد إن ترك “القرعة ترعى” في الكويت, ومكث في لندن يقضي إجازته بهدوء وسلام… “إن جلس الخرافي على الكرسي” كانت هي العبارة التي التقطتها عدسة مصور الزميلة “النهار” من دفتر ملاحظات الرئيس المخلوع أثناء اجتماعه بديوانه مع نواب الأغلبية في مجلس 2012 غير الشرعي. هذه العبارة, تمثل الهاجس الكبير الذي يشغل بال المخلوع. فالنواب اجتمعوا لبحث حكم المحكمة الدستورية, بينما هو مهموم بجلوس الخرافي على كرسي الرئاسة. وهنا يتمثل الفرق بين من همه على وطنه, ومن همه على الكرسي. الشاهد, إن الخرافي أبى إلا أن يقدم درسا جديدا في الوطنية, وذلك حين تعمد في مؤتمره الصحفي يوم أمس, لطمأنة المخلوع – بشكل غير مباشر – بأنه لن يخوض الانتخابات المقبلة, على أمل أن “يطخ” المخلوع ويهدأ… “صج الله خلق وفرق”!
***
أتمنى على النائب الدويسان, أن لا يتشنج في لوم رجال الأمن على توزيعهم العصائر في ساحة الإرادة. فشخصيا, أنا من اقترح “تدليع” وتوثيق مظاهر التسامح معهم. فحين يلعب الشيطان برؤوسهم, ويحرضهم “الإخوان” على التخريب والفوضى, سيكتشف الناس الأثر الفاعل لهذه الصور عالميا… فيصل, فكر لبعيد!
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق