صالح الشايجي: عالمنا الصغير مجنون

الحكمة لا تسعى إلى أحد، بل إن طالبها هو الذي يسعى إليها، وينتفع بها وبعض طالبيها يصيرون من أربابها ومبدعيها.
وما يجري في عالمنا الصغير، عالمنا القريب الذي نشاطره الهموم والآلام، أو السعادة والرخاء والفرح، وأقصد مجموعة الدول العربية، واضح تماما أنه يخلو من الحكمة بل هو حالة جنون كاملة.

في تونس وفي ليبيا ومصر ولبنان وسورية والعراق واليمن، مشاكل وأزمات ودماء، نتيجة غياب الحكمة وحلول جنون السلطة محلها، وغياب تام للحكماء والسياسيين المحترفين وحلول سياسيين هواة أصحاب هوى وغرض وطمع محلّهم.

الجنون يقود تلك البلدان ويستبيح الدم الآدمي بسهولة ويسر، ولست هنا أشير إلى من يمسك السلطة فقط في تلك البلدان فبينها بلدان تزدوج فيها السلطة، ففي تونس حكومة تغيب عنها الحكمة وينازعها تيار شعبي قوي يكاد ينزع منها السلطة وكذلك الأمر في ليبيا والشاهد الأكبر نراه في مصر، حيث يعز على الإخوان المسلمين التسليم بهزيمتهم الشعبية المدوّية ما ألجأهم إلى ممارسة العنف بأعلى درجاته وتدمير البلاد التي كانوا يحكمونها، وكأنّهم يقولون «أنا وبعدي الطوفان» بل هم قالوها بالفعل والقول الموثق حين صرح خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان المسلمين عشيّة انتخابات الرئاسة بأنه إن لم يعلن محمد مرسي رئيسا لمصر فسوف نحرق البلاد!

وقد وفى بوعده وأحرق البلاد وأهلك أهلها بدم بارد وبجفن لم يرف.

وفي لبنان الوضع أكثر سوءا حيث تتنحى المؤسسة الحاكمة لصالح حزب خارجي هو الذي يملك زمام البلاد ويرسم سياستها ويتخذ قرار الحرب والسلم فيها والحكومة الرسمية في قاع البئر خوفا منه.

وفي سورية جنون كامل الأركان، رئيس يبيد شعبه منذ ثلاثين شهرا وفاق عدد ضحاياه المائة ألف نفس سورية، وحينما لوّح الرئيس الأميركي بمعاقبته وكف يده عن إيذاء شعبه، هاج مَنْ يدُه في الماء ينام قرير العين مطمئنا على بيته وأطفاله وعرضه، رافضا إيقاف زحف الموت مادام هذا الموت بعيدا عنه.

وهكذا نرى فإن غياب الحكمة هو المسيطر على عقول هذا المحيط الجغرافي الذي نعيش فيه.

ومن يفتقد الحكمة لن يعيش سعيدا بكل تأكيد، وتلك هي الحقيقة المؤكدة الوحيدة.

 

katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.