على الرغم من أنني قليل المتابعة لموقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، إلا أنني أعتقد أنه أحيانا التطبيق الأمثل للحصول على آخر الأخبار ولقياس آراء الشارع حول قضية معينة بالإضافة إلى أنه أفضل الحلول لتضييع وقت الفراغ.
ما شدني أخيراً، هو أطروحات عدد من المغردين حول القضية الإسكانية وتذمرهم من الحلول المطروحة والمشاكل التي تصادفهم في مواجهة هذه الأزمة وأخص بالذكر المغردين عباس الشواف ومحمد العجمي. ولأن الموضوع قتل بحثا وتفصيلا، فأود هنا أن أتطرق لبعض الحقائق المهمة التي يمكن أن (تصحي) ضمير صاحب القرار.
أولا، وبحسب التقرير العقاري لبيت التمويل الصادر عن الربع الأول من العام الحالي، يبلغ سعر متوسط المتر المربع في محافظة العاصمة، والتي تعتبر أعلى المحافظات ارتفاعا في أسعار أراضيها، حوالي 944 ديناراً وإذا ما أخذنا أقل مساحة ممكنة وهي 375 متراً مربعاً فإن أقل متوسط سعر للأراضي في هذه الحالة هو 354 ألف دينار. أما أقل المحافظات من ناحية متوسط سعر المتر المربع فهي محافظة الأحمدي وبقيمة تبلغ 468 ديناراً، وعليه فإن سعر الأرض بنفس المساحة تبلغ 175.500 دينار بالمتوسط، مع الإشارة إلى أن هذه الأسعار تخص قيمة الأرض فقط دون تقدير تكلفة البناء.
ثانيا، بمتابعة الإحصائيات الصادرة من إدارة التسجيل والتوثيق العقاري بوزارة العدل، فإن أقل منزل تم بيعه خلال الأسبوع الماضي كان بمنطقة الفردوس وبسعر يبلغ مئة وسبعين ألف دينار علما بأن مساحة المنزل تبلغ ثلاثمئة متر مربع، ومن ناحية أخرى، فقد سجلت كذلك صفقات متعددة بأسعار تفوق مبلغ 600 ألف دينار في مناطق جنوب السرة! أما أقل شقة تم بيعها فتبلغ ستين ألفا وتقع في منطقة المهبولة وتبلغ مساحتها حوالي مئة متر مربع مع الأخذ بعين الاعتبار أن متوسط أسعار بيع الشقق يبلغ حوالي تسعين ألف دينار!
ثالثا، تبلغ أعداد الطلبات المقدمة للمؤسسة العامة للرعاية السكنية حوالي 101 ألف طلب، لم تتمكن الهيئة من تغطية حتى أكثر من 5 في المئة من حجم الطلبات خلال العام الماضي. مع العلم بأن أهم أسباب ارتفاع أسعار العقار السكني في الكويت يعود كذلك إلى أن حجم الطلب يفوق حجم العرض بعشرات المرات، حيث تشير آخر التقديرات إلى أن حجم العرض يعادل أقل من 5 في المئة من حجم الطلب الحقيقي.
رابعا، شهدت أسعار إيجارات الشقق ارتفاعا جنونيا حتى أضحى بدل الإيجار لا يساوي شيئا مقابل ما يقوم المواطن بسداده للمؤجرين. فمثلا، بلغ معدل أسعار الشقق في جنوب السرة 450 دينارا بينما وصلت الشقق في بعض المناطق إلى أكثر من 600 دينار، كما أن التفكير بزيادة بدل الإيجار أو القرض الإسكاني يعني لا محالة ارتفاع أسعار الإيجارات والعقارات تلقائيا وبمجرد إقرار تلك الزيادة.
خامسا، إن طول فترة الانتظار للحصول على البيت المنتظر من المؤسسة العامة للرعاية السكنية يعني أن المواطن سيتحمل مبلغا ليس بالبسيط في مقابل سداد التزاماته من إيجار سكنه. وبحسبة بسيطة، إذا افترضنا أن فترة الانتظار تبلغ اثنتي عشرة سنة وأن سعر الإيجار يبلغ أربعمئة دينار، فإن إجمالي ما سيقوم المواطن بسداده كإيجارات خلال هذه الفترة يبلغ حوالي ثمانية وخمسين ألف دينار فقط!
سادسا، يبلغ حجم التداول في القطاع السكني خلال العام الواحد أكثر من مليار دينار وهو مبلغ ضخم يعكس حجم الأزمة الإسكانية في الكويت. مع العلم بأن القطاع السكني دائما ما يستحوذ على النسبة الأكبر من حجم التداولات بين بقية القطاعات العقارية. من الملاحظ كذلك، أن مدينة صباح الأحمد البحرية دائما ما تستحوذ على أكثر من 40 في المئة من قيمة التداولات وفقا للإحصائيات الصادرة أخيرا وهو ما يعكس حجم النشاط المضاربي الذي يصحب أي مشروع سكني جديد ويؤدي بالتالي إلى تضخم أسعاره.
سابعا، إن المشكلة الأكبر تكمن في سيطرة الدولة على أكثر من 93 في المئة من حجم الأراضي لأسباب سبق أن ذكرناها في مقالات سابقة.
ما سبق ليس من نسج الخيال، بل هو واقع ينطبق فقط على الكويت!
Email: boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق