تتجه الانظار الى مدينة سانت بطرسبرغ الروسية التي تستضيف غدا قمة مجموعة العشرين والتي يتوقع ان تشكل نتائج الاجتماعات الثنائية المتوقعة على هامشها عاملا اساسيا في تحديد شكل اي استخدام للقوة ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
وفي معرض المواقف التي تسبق القمة اعلن مضيفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سلسلة مواقف جديدة اليوم كان اهمها ايقاف تزويد سوريا بصواريخ (اس 300) وتأكيده على ان بلاده لن تتورط باي نزاع مسلح بسبب سوريا.
بل ولم يستبعد بوتين تأييد بلاده اللجوء الى القوة ضد سوريا في حال ثبوت تورط النظام السوري في استخدام الاسلحة الكيميائية قائلا “لكن مع مراعاة قاعدة مبدئية صارمة تتمثل في ان مجلس الامن الدولي يعتبر الجهة الوحيدة المخولة لتقرير استخدام القوة ضد دولة ذات سيادة” معتبرا اي استخدام للقوة من وراء ظهر مجلس الامن الدولي “عدوانا” وداعيا الى انتظار نتائج التحقيق الدولي في استخدام الاسلحة الكيميائية.
وفي اشارة الى العلاقات الروسية – الامريكية قال بوتين ان الخلافات بين الجانبين تعود اساسا الى التباين في فهم الازمات القائمة وسبل معالجتها رافضا القول ان العلاقات الثنائية مع واشنطن تعاني جمودا.
كما رفض بوتين كذلك المبالغة في قرار الغاء زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لموسكو قائلا “هناك فرصة للاجتماع به على هامش قمة الدول ال20”.
وفيما بدا موقف بوتين اقل تشددا حذرت الخارجية الروسية من مخاطر اشعاعية كارثية قد تنجم عن توجيه ضربة عسكرية الى سوريا من خلال اصابة متعمدة او غير متعمدة لاهداف حساسة مثل المفاعل النووي التجريبي في ضواحي دمشق تعم عموم المنطقة.
من جهته يصل الرئيس الامريكي باراك اوباما الى سانت بطرسبرغ معززا بتأييد متزايد محليا لقراره اشراك الكونغرس في قرار العملية العسكرية ضد سوريا وتأكيد ان عدم الموافقة يعرض مصداقية ومكانة أمريكا والمجتمع الدولي للخطر.
كما يصل اوباما معززا بموافقة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي على وثيقة قرار يسمح بتدخل عسكري في سوريا بعد شهادة كبار المسؤولين الامريكيين من ادارة الرئيس باراك اوباما.
وتنص الوثيقة التي تمت الموافقة عليها الليلة على ان الولايات المتحدة يمكن ان تستخدم القوة العسكرية ضد النظام السوري لمدة 90 يوما.
من جهته اكد وزير الخارجية الامريكي جون كيري في وقت سابق ان ادارة اوباما لا تنوي شن حرب في سوريا ولا تولي مسؤولية الحرب الاهلية في سوريا بل ترغب بالحصول على اذن لردع قدرة الرئيس بشار الاسد على استخدام الاسلحة الكيميائية.
وردا على طلب المشرعين من كيري ووزير الدفاع تشاك هيغل ورئيس هيئة الاركان المشتركة مارتن ديمبسي توضيح كيف ستكون عواقب عدم اتخاذ اي اجراء عسكري اكثر خطورة من التدخل العسكري قال هيغل ان استخدام النظام السوري للاسلحة الكيميائية يشكل مخاطر جسيمة على اصدقاء الولايات المتحدة وشركائها على طول الحدود السورية بما في ذلك اسرائيل والاردن وتركيا ولبنان والعراق.
واضاف انه “اذا كان الاسد على استعداد لاستخدام الاسلحة الكيميائية ضد شعبه فعلى الولايات المتحدة ان تشعر بالقلق من حصول الجماعات الارهابية مثل (حزب الله) والتي لديها قوات في سوريا تدعم نظام الاسد عليها واستخدامها”.
وفي اوروبا استمر الاجماع على ضرورة مرور اي عمل عسكري ضد النظام السوري عبر الامم المتحدة حيث اعربت المانيا عن عدم تفاؤلها بامكانية اقناع الحكومة الروسية بتغيير موقفها تجاه سوريا وموافقتها على التصويت لصالح قرارات اممية تدين النظام السوري.
ونقل المتحدث باسم الحكومة الالمانية شتيفن زايبرت عن رئيسة الحكومة انغيلا ميركل القول انها تود خلال قمة ال20 “اغتنام كل الفرص المتاحة لاقناع الرئيس الروسي بوتين باتخاذ موقف في مجلس الامن ينسجم مع موقف المجموعة الدولية”.
وبرز اليوم ايضا موقف صيني يؤكد ان الحل السياسي وحده يمكن أن يفيد في انهاء الصراع الدائر في سوريا حيث نقلت وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي قوله في مؤتمر صحافي “نحن قلقون جديا حيال العمليات العسكرية من جانب واحد التي يمكن ان تنفذها دول معينة”.
ورأى هونغ ان أي إجراءات يتخذها المجتمع الدولي يجب أن تمتثل لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والمعايير الدولية ذات الصلة من أجل تجنيب الوضع في سوريا والشرق الأوسط المزيد من التدهور.
فرنسيا اعاد رئيس الوزراء جان مارك ايرولت التأكيد على ان عدم تحرك فرنسا عسكريا ضمن تحالف موسع لمعاقبة النظام السوري على “المجزرة الكيميائية” سيؤدي الى تكرار استخدامها والتوسع في حيازتها وانتشارها مستقبلا مما يشكل تهديدا للسلام والامن العالميين.
وقال ايرولت في جلسة استثنائية للجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) دعا اليها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لمناقشة التدخل العسكري في سوريا “نحن متأكدون من مسؤولية نظام الاسد عن الهجوم الكيميائي على الغوطة .. وعند سكوتنا على هذه المجزرة فأي مصداقية سنتحلى بها مستقبلا في أي عمل نقوم به لمكافحة اسلحة الدمار الشامل او الاسلحة النووية المحظورة”.
واكد ان بلاده لن تعمل وحدها بل ستضم جهودها الى الحلفاء الاخرين بدءا من الولايات المتحدة الامريكية والشركاء الاوروبيين وبلدان المنطقة لاسيما جامعة دول العربية مشيرا الى المساعي التي يقوم بها الرئيس هولاند حاليا من اجل بناء تحالف موسع قدر الامكان ازاء هذه القضية.
وبالتزامن مع التوجه الاوروبي لبناء اجماع دولي اعلنت تركيا على لسان رئيس وزرائها رجب طيب اردوغان عن استعدادها للمشاركة في أي تحالف دولي ضد سوريا معتبرا انه حان الوقت لمعاقبة النظام السوري على المجازر اليومية.
وقال اردوغان في تصريح للصحافيين قبيل توجهه الى روسيا للمشاركة في قمة مجموعة العشرين ان “النظام السوري استخدم كل صنوف الاسلحة ضد شعبه ولم يوفر سلاحا الا واستخدمه في محاولة قمع الشعب .. مهما كان السلاح الذي يستخدم في الهجوم ويفضي الى الموت فان ذلك يشكل جريمة لكن العالم تغاضى عن القصف بالطائرات والدبابات والمدافع ولم يعتبر ذلك جريمة الا حينما استخدمت الاسلحة الكيميائية”.
واشار الى تغير الموقف الروسي الداعم للنظام السوري بعد مجزرة الاسلحة الكيمياوية.
وتزامنت تصريحات اردوغان مع تقارير عن تعزيز الجيش التركي لقواته ومعداته العسكرية على الحدود الجنوبية مع سوريا تحسبا لرد أي عدوان خارجي.
عربيا أعرب الأمين لعام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن تأييده لموقف السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس حول التعامل مع الرد المحتمل على استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا.
وقال العربي في بيان ان “الموقف الصادر عن بان كي مون الذي يستند الى الشرعية الدولية طبقا لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة هو الموقف الذي أكدت عليه جامعة الدول العربية في جميع قراراتها ذات الصلة بالأزمة السورية”.
وكان بان كي مون اعتبر أمس أن استخدام القوة يكون قانونيا فقط عند ممارسة حق الدفاع عن النفس طبقا للمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة أو عند موافقة مجلس الأمن على القيام بمثل هذا العمل.
وقال انه “اذا أكد مفتشو الأمم المتحدة استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا فيجب أن يتغلب مجلس الأمن على خلافاته ويتخذ إجراء”.
يذكر ان وزراء الخارجية العرب ادانوا بشدة الاحد الماضي الجريمة البشعة التي ارتكبت باستخدام الاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا في سوريا معتبرين ذلك “تحديا صارخا واستخفافا بالقيم الاخلاقية والانسانية والاعراف الدولية” محملين النظام السوري المسؤولية الكاملة عنها.
قم بكتابة اول تعليق