خالد الجنفاوي: متى ينتهي النفس الانتخابي?!

أعتقد شخصياً أن أحد أسباب استمرار بعض خطابات الحنق وما يشابه العناد الشخصاني في أجزاء معينة من خطابنا المحلي البرلماني هو استمرار النفس الانتخابي ! وما أقصده بالنفس الانتخابي هو محاولة إدامة الايقاع المدوي لبعض الخطابات الانتخابية الرنانة وتواصلها حتى بعد خروج نتائج الانتخابات البرلمانية. وبغض النظر عما نعيشه حالياً من مراحل ترتيبية وظروف تستدعي مزيداً من التهدئة والارتكان للخطابات العقلانية والمعتدلة, يستمر شبح “النفس الانتخابي” حاضراً بقوة في بيئتنا المحلية. على سبيل المثال, من المفروض أن يحاول بعض المعنيين بهذا الشأن الفصل بين ضرورة إعتناق النفس الانتخابي في كسب أصوات الناخبين وكل ما يتعلق بتلك المرحلة من بعض ضجيج مفتعل وبعض خطابات حماسية وبين استحقاقات الديمقراطية المعتدلة. ولكن ثمة مشكلة مزمنة لا نزال نعاني منها في الكويت وهي غموض ماهية النفس الانتخابي وعدم مشروعية تواصله إلى الآن.
أعتقد مثلاً أن من يؤمن فعلاً بالاستحقاقات المنطقية لأي ممارسة ديمقراطية من المفروض أن يتنازل طوعياً عن اعتناق النفس الانتخابي وبخاصة إذا انتهت فترة الانتخابات البرلمانية. فمن المفروض أن يتم التركيز على البناء والتشييد عبر تفعيل آليات الديمقراطية بشكل ملموس, أي عبر اعتناق خطاب سياسي توافقي يوجد أرضيات مشتركة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. أما الاستمرار في إطالة النفس الانتخابي ومحاولة استخدامه في غير محله الطبيعي فهو أمر سيكرس حتمية الخلاف والتناحر وسيضخ مزيداً من جرعات الهذر الانتخابي المبالغ فيه أحياناً.
لقد مللت شخصياً من سماع خطابات انتخابية حماسية طال أمدها وانتهت صلاحيتها فما أريده كناخب كويتي هو اعتناق البعض للجدية وللمهنية في تكريس ممارسة برلمانية جادة. وتتوافق مبادئها ومنطلقاتها الرئيسية مع ما يتمناه المواطنون الكويتيين من بناء وتشييد وتكريس للجهود المخلصة في بناء كويت الحاضر والمستقبل. فأمامنا الآن فرصة تاريخية للتمعن جيداً في ماهية الديمقراطية التي نتمنى أن تستمر تتحقق في بلدنا. فإذا استمر البعض في ركوب موجة المبالغات الاعلامية والنفس الانتخابي المتضخم واستمروا كذلك في بث خطابات حانقة يبدو تحاول نهش شخصيات المعارضين وتنال من كراماتهم فقط لأنهم يحملون آراء مختلفة, فلا نحن طبنا ولا غدا الشر. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.