حسين الراوي: أنس الصالح… وطارق الليل

في آخر الليل، والدنيا مالت للهدوووء، وأنوار البيت مطفأة، وبينما أنت في غرفة نومك التي برودتها «جايه» على المزاج، وفوق سريرك تغط في نومة «عميييقة ولذيذة بشكل»، فجأة تسمع الباب الخارجي للمنزل يُطرق بشكل عنيف ومُتصل! وكأنه صوت طلقات نارية من سلاح كلاشنيكوف اللهم سلّم سلّم! ولأن الموقف مفزع وغريب جداً وفيه من الأكشن الشيء الكثير، تبقى على سريرك لمدة دقيقتين أو ثلاث تحاول أن تستجمع وعيك وأنت تهز رأسك يميناً وشمالاً وتفرك عينيك محاولاً أن تستوعب ما الذي تسمعه من قصف يقع على منزلك، وأنت ترفع يديك وبصرك نحو السماء لتقول: «مالنا غيرك يا الله!
وبعد هذا كله تستجمع قواك وترتدي بيجامة النوم وتلبس فوقها سترة ضد الرصاص ثم تضع الخوذة على رأسك وتمسك سلاحك بيدك ثم تتجه بحذر نحو الباب الذي يُطرق بعنف سادي عجيب، ثم تقف أمامه وتقول كل أذكار وأدعية الصباح والمساء والسفر ودخول الحمام والخروج منه، ثم تتشجع وتمد يدك وهي ترتعد نحو قفل الباب فتفتحه وإذا بشخص من العمالة واقف وفي كلتا يديه أكياس من الطعام وخلفه سيارة صغيرة وقدمية! وبينما أنت تحدق فيه متعجباً من الأعلى إلى الأسفل، ومن الأسفل إلى الأعلى، يبتسم هو في وجهك بابتسامة تجلب البكاء تشع بلون أسنانه البيضاء، فيقول لك بكل وداعة وحُب عظيم بلهجة عربية مكسرّة: «سلام بابا، إنتا فيه يُطلب مطعم»؟
وبعد هذا كله من التعب والفزع والخوف والقلق والإزعاج الكبير وتبديد أشياء كثيرة حلوة، والبيت والشارع كله قعد من النوم وياك، يتضح لك المشهد التعيس بالكامل، ويطلع الأخ زائر الليل مجرد سائق يعمل في مطعم أخطأ في عنوان الشخص الذي اتصل وطلب من المطعم ويا سلام سلّم!!
وهذا كوووم وطلبات توصيل البقالات كوووم آخر! فالبقالات المنتشرة بين البيوت والأحياء السكنية لا يهدأ ولا يكف عمالها عن توصيل الطلبات للناس لا في آناء الليل ولا حتى في أطراف النهار، فترى عمالهم الذين يوصلون الطلبات للبيوت كل واحد منهم راكبا دراجته الهوائية وكأنهم ذلك الشريط الاخباري الذي لا ينقطع في اسفل القنوات الفضائية!
أوجّه من هذه الزاوية رسالة نحو الأخ الكريم وزير التجارة والصناعة أنس خالد الصالح، وأقول بها «نرجوك أن تصدر قراراً كريماً ومهماً يمنع أي جهة تجارية أن تطرق أبواب المواطن بعد الساعة الثانية عشرة صباحاً، فلقد تعبنا وسئمنا ومللنا من طرق عمال خدمات التوصيل لأبواب بيوتنا في أواخر الليل! الأمر الذي يشكل انتهاكا شرعيا وغير قانوني لراحة وطمأنينة وخصوصية المواطن والمقيم. ناهيك عن بعض تلك التعديات التي تحدث بقصد ومن دون قصد منهم، لذا نرجو من الوزير أن ينظر ويتبصر ويُدقق في أمر هذه الحالة المُزرية التي سببها الطمع والجهل واللااحترام.

Twitter:@alrawie
roo7.net@gmail.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.