لو أنني سُئلت – كمواطنة – إن كنت أظن بأهمية وجود جهاز خاص بالشباب والرياضة، على أن يرقى إلى درجة الوزارة لقلت: بارك الله بمن فكر بالتأسيس والأغراض، وبمن سعى للتخطيط والتنفيذ، وبمن جندّ نفسه للإبداع والانجاز ولي أسبابي في ذلك:
أولاً: لأننا نعيش عالماً يقوده الشباب بفكره ونشاطه الفردي والجماعي وطموحه وحيويته سلباً كان أو إيجاباً، فالمسار يصحح ذاته دوماً.
لهذا يبدو أنه مفروض علينا نحن – الكبار مدَّعي الحكمة – أن نرحب ونتبنى ونستوعب هذا التيار الجديد الجارف وبالعلم والتوجيه الأبوي المحب وباستخدام اللغة الشبابية الميسرة تشجيعا للمسار في الطرق الايجابية لحمايته من احتمالات – اكرر احتمالات الانحراف أو الانحسار – لا سمح الله – ولكن بالأدوات البالغة الحداثة.
ثانيا: غرضنا لا يخفى عن الجميع – كما أتمنى – إنما هو إعداده علمياً وعملياً لأخذ مكانه في الصدارة لقيادة المجتمع على المستوى المؤمل به بسلاسة ويسر بالتمسك بالتراث السياسي والثقافي والاجتماعي وبكامل الوعي وعميق الإرادة وأخذ المجتمع الجديد إلى أفق المستقبل بسهولة ويسر أيضاً.
فالحداثة علم عميق الجذور يحتاج لرعايته حتى ينمو في أجواء غنية بالحكمة وإعمال العقل باستشراف المستقبل بكل ما يمكن أن يحمله من شاردة أو واردة.
من هذا المنطلق أعبر عن سعادتي لإعلان مشروع الموجة الإذاعية الخاصة بالشباب والرياضة لكنها سعادة مشوبة بالحذر من طاقة الحماس الكبيرة حتى لا تزداد إلى الحد الذي قد يعرضها للانزلاق أو الانحراف عن الطريق «لا سمح الله».
???
بصراحة يذكرني هذا الموضوع بانطلاقة الإذاعة الكويتية في الخمسينيات من القرن الماضي والتي بدأت من فكرة عبرت عقل المرحوم الشيخ عبدالله المبارك الصباح وكان مسؤولاً عن الأمن العام آنذاك فأسسها من غرفة صغيرة في مبنى الأمن العام موجهة إلى أنفار جماعة الأمن العام أنفسهم تحمل توجيهاته وتحثهم على جودة الخدمة العامة. وما أن تأسست إدارة خاصة (للأنباء والإرشاد) حتى استُدخلت تلك الغرفة الصغيرة بمن فيها وما فيها لتؤسس بها إذاعة الكويت المحدودة الانطلاق عبر الأثير وبمجهودات ذاتية شبابية واجتهادات أبرزت أكثر وأجمل وأقوى صوت إذاعي آنذاك اسمه (المرحوم حمد المؤمن) وبلغة عربية مميزة فكانت فترة رش الماء على النبتة الجديدة التي أنجبت للكويت ابنها الشاب الصغير الجميل (رضا الفيلي) وبدأت بوابة الإذاعة البدائية تنفتح على أهل الفن والفنون.
ومن أجل النضج وتعديل المسار استقبلت الكويت فريقاً مميزاً من الشابات والشباب الفلسطينيين من محطة (الشرق الأدنى) التي كانت تبث من قبرص وتملكها بريطانيا وتلك كانت – أي إذاعة الشرق الأدنى – هذه بذر الـB.B.C.
ولأن الفريق الجديد مؤهل علمياً وفنياً وإدارياً فقد أدخل إذاعة الكويت للموقع الذي تستحقه مع استخدام مجموعة من المواهب الكويتية من الجنسين لتطعيمها بالروح المحلية.
???
عذراً لقد أطلت – ربما – لغرض خاص هو أن ما أريد قوله اليوم أنه ذاك كان زمنا واليوم نحن في زمن آخر مغاير تماماً لما سبق أن حدث.
فالاجتهاد لم يعد ينفع والموهبة وحدها لا تكفي فإعلام اليوم لا يرضى بالأكواخ بل ينشد القصور والإعلامي لا يبرز بنجاحه إن لم يبن قصراً، والقصر ليس مجرد شكل مزدان بالأنوار والألوان بل هو معنى وقيمة محركة لضمير الإنسان لتجعل منه طاقة تحريك للمجتمع ونقله من الظلمات إلى النور. أتمنى أن يكون الاستعداد بهذا المستوى.
وفقكم الله وسدد خطاكم.
فاطمة حسين
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق