نشاط زائد تشهده إدارة الرقابة البحرية التابعة لقطاع الثروة السمكية بهيئة الزراعة.. نشاط سجلته القبس من خلال تغطيتها لجولة بحرية برفقة وحوار قيادات القطاع من نقعة شرق إلى جزيرة فيلكا، مرورا بنقطة رأس الأرض.. كانت زوارق الرقابة البحرية المجهّزة تقطع عباب البحر بسرعة لا تكاد تتنفس معها، ثم تتوقف بعد إطلاق صفاراتها التحذيرية بجانب طراد صيد للتفتش عن الترخيص ونوع المعدات والأدوات الملحقة بالطراد لبيان هويته والمستلزمات من إضاءة أو كرات طافية وغيرها.
المفاجأة لم تكن في مدى التزام الصيادين بلوائح وقرارات الهيئة العامة للزراعة بعد طول مشاكسة، ولكن في اكتشاف مخالفات أخرى جسيمة من مراكب صيد أجنبية تتعدى على مياهنا الإقليمية وتصطاد تحت ستار الليل خيراتنا.
كانت الجولة البحرية فرصة لكشف هؤلاء المعتدين على مخزوننا السمكي إلى جانب رصد المجهود الذي يقوم به النواخذة والمراقبون البحريون في إطار توجيه من رئيس مجلس إدارة الهيئة، المهندس حبيب البدر، وإشراف مباشر من نائب المدير العام الجديد لقطاع الثروة السمكية المهندس فيصل الحساوي.
في نقعة شرق تحرّكنا من قارب إلى قارب، الى ان وصلنا حتى قارب الرقابة البحرية المجهز بأحدث الأجهزة الملاحية، ثم انطلقنا إلى العمق.. سألنا المهندس الحساوي بوصفه كان المندوب الدائم للكويت لدى منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) قبل أن يتولى مسؤولية قطاع الثروة السمكية خلفا للدكتور حيدر مراد عن خطته المستقبلية، فلخصها في كلمتين: «تحقيق الأمن الغذائي من الأسماك» سواء المصيد أو المستزرع مع ضمان استدامة الانتاج والتغلب على المعوقات القائمة من خلال رؤية إستراتيجية متكاملة.
وشرح الحساوي كيف أن الإحصائيات في الكويت اشارت إلى أنه خلال الفترة من 2005 وحتى 2010 تراوح إنتاج الأسماك والربيان بين 4000 و6000 طن سنوياً يشكل منها إنتاج المزارع السمكية نسبة متواضعة تتراوح ما بين 5 و%10 فقط أي تذبذب الإنتاج بين 300 طن و600 طن، وعلى الجانب الآخر نجد أن إجمالي الطلب على الأسماك والربيان يفوق الإنتاج المحلي بنسبة كبيرة بين حد أدنى حوالي 9000 طن وحد أعلى حوالي 16000 طن. مما يعني أن الموارد السمكية المتاحة تشكل ما بين 33 و%49 من جملة الاستهلاك بمتوسط نصيب للفرد حوالي 5 كيلوغرامات في العام، وهذا شيء بسيط بالنظر إلى المتوسط العالمي المقدر بحوالي 18.6 كيلوغراما في العام، طبقاً لأحدث تقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
انتباه وتفتيش
وقبل أن نكمل كلامنا معه، يشير الحساوي إلى فريقه من الزملاء المراقبين البحريين بالتوجه إلى طراد كان منطلقا من جزيرة كبر، ويبدو أن النائب شك في أنه كان يصطاد هناك بالمخالفة للقانون.. كان مدير إدارة الرقابة البحرية مرزوق الهبي هو من يقود الزورق بنفسه، ووصل بسرعة قياسية للزورق المشتبه به، وبعد التفتيش المعتاد تم التنبيه على الزورق بوضع الإضاءة المقررة، ومضينا في اتجاهنا.
خيارات متاحة
ونعرف من خبير المصائد السمكية الدكتور أسامة خليفة، الذي شاركنا الجولة، أن الخيارات المتاحة لسد حاجة السوق بخلاف عمليات الاستيراد محدودة جداً، وذلك لعدة عوامل أهمها: ان الرقعة البحرية للمياه الكويتية صغيرة لا تتعدى %3 فقط من المياه الأقليمية. كما أن المقدرة البيولوجية لمخزون الأسماك والروبيان تحد من التوسع في عمليات صيد الأسماك التجارية، وان أي زيادة في عمليات الصيد ستساهم في الإخلال بطبيعة المخزون.
ومن ثم فإن الاستزراع السمكي هو الخيار الذي تمت دراسته بالتفصيل، مشيرا إلى إمكانية مساهمة الاستزراع السمكي في تضيق الفجوة بين العرض والطلب على الأسماك فيمكن إنتاج ما يقارب من 4000 طن من الأسماك المرغوبة لدى المواطن خلال السنوات العشر المقبلة، بل يتوقع قطاع الثروة السمكية في الهيئة أن يسد الاستزراع السمكي ما يقارب من %50 من العجز في الأسماك الطازجة عام 2025.
عودة الإمام
نتوقف مرة اخرى أمام ملاحظة قائد الحملة المهندس فيصل الحساوي، الذي يلمح قاربا آخر ويوجه الفريق لتحري موقفه.. هذه المرة نكتشف أن إمام مسجد جزيرة كبر انتهى من عمله، وفي طريق عودته للمدينة.. يبتسم الحساوي وفريقه ويودع الرجل بسلام، بينما يواصل امدادنا بالمعلومات القيمة، فنعرف أن الاستزراع السمكي في الكويت يعتمد على الاستزراع التكاملي لأسماك البلطي النيلي، مع زراعات قائمة بقسائم الوفرة والعبدلي، حيث يوجد حوالي 106 مزارع سمكية على حيازات زراعية، منها 40 مزرعة مرخصة تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 40000 متر مربع، وتنتج سنوياً بين 300 و400 طن من أسماك البلطي النيلي.
معوقات الأمن الغذائي
ونسأل عن المعوقات الرئيسية لتنمية الاستزراع السمكي، فنعرف أنها لا تخرج عن المعوقات البيئية المتمثلة في ارتفاع وتفاوت درجات الحرارة، ندرة الموارد المائية، ارتفاع معدل البخر مع نقص الكوادر الوطنية المؤهلة في مجال الإنتاج التجاري للاستزراع المائي سواء للأسماك أو الرخويات والمحاريات. إضافة إلى ضرورة رسم خريطة توجه المستثمرين إلى المجالات الاستثمارية في هذا القطاع.
مزارع الخيران
ويؤكد المهندس فيصل الحساوي، نائب المدير العام لقطاع الثروة السمكية، أن من المشاريع التي يوليها رئيس مجلس إدارة الهيئة المهندس حبيب البدر اهتماما ملحوظا، والتي ينبغي التوقف عندها، مشروع استزراع الأسماك بالأقفاص البحرية بالخيران، فمساحة الموقع البحري 10 كيلومترات مربعة، والموقع الساحلي 2000 متر مربع، بواجهة بحرية لا تقل عن 100 متر، وتبلغ طاقة المشروع الإنتاجية عند بداية الإنتاج 2000 طن من الأسماك البحرية (أي ما يعادل %50 من إنتاج المصايد البحرية الحالي)، وتصل الإنتاجية أكثر من 5000 طن من الأسماك سنويا، أما أنواع الأسماك المستهدف إنتاجها فهي: السبيطي، الشعم، السبيطي الأوروبي، القاروص وغيرها.
نتائج الحملات
نسأل عن نتائج الحملات التفتيشية المفاجئة على الجزر البحرية، فيخبرنا رئيس قسم عمليات المنطقه الوسطى، المهندس محمد غالب، أنه تم ضبط لنجات اجنبية تصطاد الروبيان في المياه الاقليمية شرق جزيرة كبر (11 ميلاً)، وتستنزف المخزون السمكي، وتم التحفظ على وسائل الصيد والاحياء المائية الروبيان، وبيعها في السوق المحلي وتحويل اللنجات المخالفة الى الجهات الامنية.
كما نعرف أن الطاقم الذي ضبط هذه اللنجات كان يضم كلاً من النواخذة علي أسدي وعبدالله عبدالحميد وحسن دشتي وحسين السلمان وعبدالله البناي وحسين بوعباس ومحمد أرتي وعبدالله العازمي وغيرهم من الجنود المجهولين الذين يتعرضون لأخطار البحر صيفاً وشتاء، بل ويتعرضون إلى الغرق عندما يقرر قائد اللنج المخالف الاصطدام بهم والهرب إلى المياه الدولية.
تدخل الدولة
قال مسؤولون في قطاع الثروة السمكية: نظراً للحداثة النسبية لنشاط الاستزراع السمكي في الكويت، ونظراً لأن نظمه وأساليبه ما زالت مجهولة لدى كثير من المستثمرين، بل ما زالت التقنيات الملائمة في حاجة إلى تحسين وتجديد، فإن دخول الدولة في هذا المجال بإقامة مشاريع نموذجية إرشادية ودعمها للبحوث والخدمات وتوفير مستلزمات الإنتاج يصبح أمراً ضرورياً.
مقومات الاستزراع السمكي
تمتلك الكويت مقومات عدة لإتمام مشاريع الاستزراع السمكي ومن ثم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك، ومنها:
1 – الأراضي المناسبة، فمعظم الأراضي الصحراوية في الكويت منبسطة، ولا توجد بها تضاريس جغرافية وعرة، ما يشكل فرصة جيدة لإنشاء المزارع السمكية بها.
2 – المياه سواء كانت المياه الجوفية القليلة الملوحة أو المياه الجوفية المالحة. كما يمكن استخدام المياه المعالجة في أنشطة الاستزراع السمكي.
3 – البنية الأساسية، حيث تتوافر لدينا البنية الأساسية من شبكات الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي وشبكات الكهرباء والاتصالات وغيرها من البنية التحتية لمشاريع الاستزراع السمكي.
4 – رؤوس الأموال ودعم الاستثمارات في المشاريع التنموية ذات العائد الجيد، ومنها مشاريع الاستزراع السمكي.
5 – الإعفاءات والإعانات من تأجير الأراضي بمبالغ رمزية للمستثمرين وتقديم القروض وعدم فرض ضرائب على الإنتاج أو التصدير وخفض قيمة الاستهلاك الكهربائي للمشاريع الزراعية من العوامل المشجعة للاستثمار في المزارع السمكية.
6 – مراكز الدراسات والأبحاث ممثلة في معهد الكويت للأبحاث العلمية، والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية.
7 – الإدارة المتخصصة، ممثلة في الهيئة العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية.
8 – التعاون الدولي الفني المثمر مع العديد من الهيئات الدولية المتخصصة في هذا المجال، مثل منظمة الأغذية والزراعة الدولية (FAO).
تربية الأسماك في المزارع
تربى الأسماك في أحواض خرسانية تتراوح مساحتها من أمتار عدة إلى 100 متر مربع للحوض الواحد. ويعتمد هذا النظام على المياه الجوفية قليلة الملوحة (5 إلى 8 أمتار في الألف) وتستخدم مياه صرف المزارع السمكية في زراعة المحاصيل الزراعية.
ويربى البلطي في خزانات خرسانية تتراوح أحجامها بين بضعة أمتار مربعة وحتى مئات الأمتار المربعة، ويتراوح عمقها بين متر واحد إلى مترين. وتبنى معظم الأحواض فوق سطح الأرض حتى يسهل صرف المياه من القاع. ويستخدم في التربية ماء متوسط الملوحة تبلغ ملوحته 5 إلى 8 أجزاء في الألف، يتم ضخه من آبار جوفية. وتحتوي كل مزرعة على خزان يعمل كمستودع للماء. ويجري استخدام مياه صرف الأسماك في ري المحاصيل الزراعية. وبعض المزارع تستخدم البيوت الزجاجية (الصوبات) لتغطية الخزانات.
قائمة «الجميع» تحوز ثقة المزارعين
حصدت قائمة «الجميع» أصوات غالبية أعضاء الجمعية العمومية للمزارعين التي عقدت جلسة غير عادية بدعوة من اللجنة الخماسية لإدارة الاتحاد الكويتي للمزارعين مساء أمس الأول، لانتخاب مجلس إدارة جديد للاتحاد. أقيمت الانتخابات في فندق سفير رمادا الرقعي، وذلك بعد أن نافست قائمة «الإصلاح». تضم قائمة «الجميع» كلا من جابر مرزوق العازمي، وخالد عايض العازمي، وسعود العرادة، وعبد العزيز مبارك العازمي، وعودة الظفيري.
المصدر “القبس”
قم بكتابة اول تعليق