لا يظنّنّ ظانٌّ ولا يحسبنّ حاسبٌ، أنّنا شامتون في النظام السوري كارهون له،نبيّت له البغض في صدورنا، حاقدون عليه متشفّون فيه، نتمنى أن تنزل عليه الصواعق فتصعقه وأن تتزلزل فيه الأرض من تحته فتبتلعه، وأنّنا نفرك أيادينا فرحا بالضربة الأميركية الغربية الموعودة التي تزعم أنها ستكف يده عن ممارسة العنف ضد شعبه والتوقف عن القتل الثلاثيني الأشهر!
لا لسنا شامتين ولسنا فرحين ولسنا على سررنا مرتاحين منتظرين الهول يضج في سورية «دمشقها وحلبها وحماها وحمصها»، فهناك ناسٌ طيّبون فيها، خلقوا ليعيشوا ويفرحوا ويكبر أبناؤهم أمام عيونهم يمرحون في ملاعب ممتدة تحت شمس رحيمة بقلوبهم الغضة وأجسادهم الطرية ويتنزهون في حدائق خضراء زهرية غنّاء مروية بماء بردى الأصفى من عيون المها.
خرج هؤلاء طالبين ذلك الهواء المحجوب عنهم يهفون إلى حرية يتمتع بها جيرانهم في شمال أو جنوب وفي شرق منهم وغرب، فكان حصيد أرواحهم ردّا من نظامهم الذي ما ثاروا ضده ولكنهم خرجوا يطلبون منه حقّا اغتصبه منهم! فكان الدم مقابل الدم وجرى وصار واستوى كل ما عرفناه لا حقا وصارت سورية غابة بلا هويّة يدخل إليها حفدة الموت وعشّاق الدخان والبارود والسابحون في أنهار الدم.
النظام يفتح أبوابه لمن جعلوه في باب النخاسة يسمسرون عليه ويدلّلون باحثين عن المشتري السمين الثمين، جاؤوا بغدر دفين بحجة الدفاع المذهبي وهم الذين لا دين لهم ولا مذهب، وما جاؤوا إلا لنصب راية «قورش» العظيم في دار هي ليست له وفوق «قاسيون» كان إله الفرس يُمجّد ويشرب دماء السوريين.
وفي الجانب الآخر فقدت الثورة البيضاء الطاهرة عفتها وهي مازالت ـ بعد ـ في مهدها الصغير فجاءها يفترس طهر فراشها الراسخون في القتل الأسود والجهل، حصدة الموت وحُزّاز الرقاب وماضغو الأكباد، ليدّعوا نصرتهم لتلك البيضاء العفيفة .
لسنا ننتظر طامّة تصيب النظام بمقتل، بقدر ما نحن نتمنى أن يستبق النظام السوري ذلك الهول الأسود الذي سيهبط عليه من حيث لا يدري له حدبا ولا صوبا، ويجنّب بلاده ما بقي فيها من بشر وحجر مصائب لا يعلمها، فيبادر إلى مصالحة شعبه والتخلي عن أسلحة الموت التي يباهي بها فيحقن دماء ضج العالم بأديانه وأعراقه وألسنته ضد جريانها.
ذلك ما نحن نتمناه.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق