كون أمريكا قاطرة النمو الاقتصادي العالمي، يعز عليها ان ترى المؤسسة العسكرية تستنزف من خزائنها المالية الكثير.
كانت بريطانيا العظمى التي لا تغيب الشمس عن علمها المرتفع في الشرق والغرب، الى عام 1914 لم تنشأ لديها اي مخاوف تجاه نقص في خزائنها المالية، وامريكا الآن قد تقوم بإسقاط حلفائها او ترفع يدها عنهم ليتحرك الشارع في كل بلد شرقي، لتسوده الفوضى والخسائر وتهدد بحروب حزبية او قبلية او طائفية، او طائفة ضد نفسها. إن لم تجد لها خصما فهي خصم لنفسها مثل ليبيا وتونس ومصر.. وتقوم الآن بكل سهولة بقلب انظمة الواحد تلو الاخر وفق خريطة الشرق الاوسط الجديد التي رسمها وقدمها للكونغرس الأمريكي برنار لويس الصهيوني سنة 1980 ووافق عليها الكونغرس بسرية الى سنة 1983 ثم ظهرت من كتمانها الى العلن.
أشرت في مقالات عديدة الى مراكز الابحاث التي احتوت هذا المخطط ثم الصحف العربية.. هذا المخطط يرمي الى تفتيت البلاد العربية الى دويلات وكونتينات.. الآن الجيش المصري يمكنه ان يمنع تقسيم مصر المخطط له، وكان الاخوان المسلمون يجارون مخطط التقسيم لتكون لهم دولة اسلامية عاصمتها القاهرة بعد تفجيرهم للكنائس يدفع الاخوان الاقباط وهم سكان مصر الاصليون ان يقبلوا بالقسمة الثانية الوجه البحري وعاصمة الدولة القبطية الاسكندرية.. والنوبة المتطلعة لدولة لها في جنوب مصر وفق خريطة برنار لويس حيث كانت تملك مصر في عهود قديمة بعد حكومة الفراعنة وليبيا وفارس والنوبة لمصر.
واذا انتصر الجيش السوري بقيادة البعث الليبرالي سواء بالاسد او غيره فإن سورية سوف تتجنب التقسيم الى دويلات، اما المعارضة المتفرقة التي تحارب فإنها تدار من الخارج للاخذ بتقسيم الدولة السورية.
حروب الدول للتخلص من الاستعمار البريطاني افرغت الميزانية وتقلصت بريطانيا وعادت الى جزيرتها الا من أسماء متفرقة على الخريطة هي من التوابع البريطانية مثل دول الكمنولث. يستحوذ المستثمرون الاجانب الان في الولايات المتحدة الامريكية على (8) تريليونات من الاسهم المالية وهذا بسبب تزايد العجز في ميزان المدفوعات والذي بلغ في عام 1982 (3) تريليونات دولار. وفي عام 2002 بلغ العجز في الميزانية الامريكية حيث طغت المداخيل الخارجية على الداخلية معدل %5 من الناتج القومي، اما في عام 2003 فتزايد العجز، وجاءت خسائر افغانستان والعراق والرشاوى لبعض الحلفاء التي بلغت 26.6 مليار دولار، وقد اشرت الى هذه الدول في المقال السابق.
وتعاظم العجز في الميزانية الامريكية بعد 2002 الى %6-5.
في زيارة قام بها المرحوم عبدالعزيز الصقر الى امريكا في السبعينيات، انتقد تكديس النفط الى حد ضاقت به خزائن النفط فأحقن في الارض قال للاقتصاديين الامريكان لو هبطت اسعار النفط فستكون امريكا المستوردة للنفط اكثر خسارة من الدول المصدرة.
وتكديس النفط هو تكديس للسيولة المالية النقدية فأُعجب برأي الصقر قادة الاقتصاد الامريكي. في سنة 2002 بلغت الميزانية العسكرية الامريكية 355.4 مليار دولار وهذا يعتبر مبلغا هائلا في حجمه.. بينما أنفقت فرنسا وبريطانيا على قوتيهما العسكريتين مبلغا مقداره (40) مليار يورو والجيش الالماني أنفق (30) مليارا، الى ان بلغ الانتاج القومي الامريكي 10.36 تريليونات دولار اما القيمة العامة لمجمل دول اوروبا فقد بلغت 9.58 تريليونات دولار.
وقيمة الضرائب في امريكا بالنسبة لكل المداخيل بلغت %21.7.. لذا فإن الشعب الامريكي اخذ يكره نداءات الحروب واسرائيل تدفعها الى ازمات مالية.. وشاعت مقولة في امريكا ان المليونير والاسرائيلي لا يدينهما القضاء.
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق