تمكن سوق الكويت للأوراق المالية من إنهاء تداولات الأسبوع الماضي محققاً مكاسب كبيرة نسبياً لمؤشراته الثلاثة، معوضاً بذلك جزء من خسائره الحادة التي مني بها خلال الأسبوعين السابقين، حيث جاء ذلك نتيجة حالة التفاؤل التي انتابت الأوساط الاستثمارية على وقع انحسار المخاوف بشأن توجيه ضربة عسكرية لسوريا، الأمر الذي أعطى زخماً واضحاً لتداولات السوق، وسط إقبال بارز على عمليات الشراء التي شملت طيفاً واسعاً من الأسهم القيادية والصغيرة على حد سواء، مما انعكس بشكل إيجابي على مؤشرات السوق كافة لتحقق بدورها مكاسب واضحة بنهاية الأسبوع.
والجدير بالذكر أن مكاسب السوق في الأسبوع الماضي لم تكن بسبب هدوء التوترات السياسية فحسب، وإنما جاءت كردة فعل بعد الخسائر الحادة غير المبررة التي تكبدتها الكثير من الأسهم في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يجعل صعود السوق أمراً مستحقاً، خاصة بعد وصول أسعار تلك الأسهم إلى مستويات متدنية جداً ومغرية للشراء. هذا وتأتي مكاسب السوق الكويتي بالتزامن مع الارتفاعات الجيدة التي عمت معظم أسواق الأسهم العالمية بما فيها أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، والتي استفادت بدورها من هدوء الأوضاع السياسية التي تشهدها المنطقة هذه الأيام، حيث شغل السوق المرتبة الثالثة في ترتيب أسواق الأسهم الخليجية من حيث نسبة المكاسب المسجلة، بعد سوقي الإمارات.
على الصعيد الاقتصادي، أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي مؤخراً تقرير التنافسية العالمي لعام 2013/2014، وشغلت الكويت مراتب متدنية جداً في الكثير من المجالات بالمقارنة مع 148 دولة يغطيها التقرير، من بينها دول مجلس التعاون الخليجي التي شغل بعضها مراتب متقدمة في الترتيب، متفوقة على العديد من الدول الكبرى، في حين أن الكويت لازالت تحتل المرتبة الأخيرة خليجياً في معظم المؤشرات المتعلقة بالاقتصاد والتعليم والأعمال وسوق العمل وجاذبية أموال المستثمر الأجنبي وغيرها من المجالات، حيث شغلت المرتبة الـ102 عالمياً في معيار الهدر في الإنفاق الحكومي، في حين احتلت دولة قطر المرتبة الأولى عالمياً في هذا الصدد، كما شغلت الكويت المرتبة الـ93 في معيار جودة التعليم الأساسي، والمرتبة الـ106 في معيار جودة التعليم العالي، وشغلت المرتبة الـ129 من حيث عدد الإجراءات المطلوبة لبدء النشاط التجاري، والمرتبة الـ75 في معيار توافر الخدمات المالية، في حين احتلت المرتبة الـ145 من حيث أعباء القوانين الحكومية. كما أظهر التقرير أن العوامل الأكثر تعقيداً في أداء الأعمال في الكويت تتمثل في عدم كفاءة البيروقراطية الحكومية، ونظم العمل المقيدة لقطاع الأعمال، وسهولة الحصول على التمويل، وانتشار الفساد، فضلاً عن عدم استقرار السياسات.
وإنه لأمر مؤسف ومحزن لنا جميعاً أن تستمر الكويت في شغل المراتب المتأخرة والمتخلفة جداً في معظم المعايير المذكورة أعلاه، فلا يعقل أن يستمر الوضع على هذا الحال ونقف جميعاً موقف المتفرج على ما وصلت إليه بلدنا الكويت الحبيب من انحدار في جميع المستويات التعليمية والإدارية والاقتصادية والتنموية، لذا فلا بد أن يتكاتف الجميع حكومة ومجلساً وشعباً من أجل نهوض البلاد من هذه الكبوة التي تعيشها دون أي مبرر، فلا يعقل لدولة تمتلك كل هذه الإمكانيات والمقومات المالية والبشرية الهائلة أن تتخلف لهذه الدرجة المؤسفة وأن تشغل مراتب متدنية جداً بين دول العالم في الكثير من الأصعدة، لذلك فلابد أن تبدأ عملية الإصلاح ممن لديه السلطة والقرار والمال، ألا وهي السلطة التنفيذية ممثلة بشكل خاص بسمو رئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير المالية ورفاقه الوزراء، خاصة وأنهم في بداية عملهم التنفيذي في الحكومة الجديدة، بإعطاء هذا الأمر الأهمية التي يستحقها، وإصلاح أوجه الخلل التي تعاني منها البلاد.
وبالعودة لأداء سوق الكويت للأوراق المالية، فقد شهد السوق في أغلب الجلسات اليومية من الأسبوع الماضي عمليات مضاربة نشطة استهدفت الكثير من الأسهم الصغيرة في بعض القطاعات، خاصة قطاعي العقار والخدمات المالية، وهو الأمر الذي عزز من مكاسب المؤشر السعري على وجه الخصوص، في حين شهدت بعض الأسهم القيادية والتشغيلية، لاسيما في قطاع البنوك، عمليات جني أرباح حدت من مكاسب السوق نسبياً، وأدت إلى تراجع المؤشرين الوزني وكويت 15 في بعض الجلسات، لكنها لم تفلح في سحبهما إلى المنطقة الحمراء على المستوى الأسبوعي.
والجدير ذكره أن السوق قد شهد في جلسة يوم الثلاثاء الماضي عمليات شراء قوية شملت طيفاً واسعاً من الأسهم المدرجة سواء القيادية أو الصغيرة، ساهمت في تحقيق مكاسب قياسية لمؤشراته الثلاثة بنهاية هذه الجلسة، حيث سجل المؤشر السعري نمواً نسبته 2.94%، وهي أعلى نسبة ارتفاع يحققها المؤشر على المستوى اليومي منذ شهر أبريل من عام 2009، في حين حقق كل من المؤشر الوزني ومؤشر كويت 15 أعلى نسبة ارتفاع في يوم واحد منذ ما يقرب من عام، وتحديداً منذ أواخر شهر سبتمبر 2012، إذ حقق كل منهما نمواً في جلسة الثلاثاء بنسبة بلغت 1.77% و 1.90% على التوالي.
هذا وقد جاءت مكاسب السوق في الأسبوع الماضي في ظل ارتفاع مؤشرات التداول بالمقارنة مع الأسبوع الذي سبقه، وخاصة على صعيد كمية التداول، حيث وصل عدد الأسهم المتداولة في إحدى جلسات الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر تقريباً.
على صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري نمواً عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 27.85%، بينما بلغت نسبة نمو المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 8.82%، في حين وصلت نسبة ارتفاع مؤشر كويت 15 إلى 5.88%، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2012.
وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع عند مستوى 7,587.21 نقطة، مسجلاً ارتفاعاً نسبته 5.12% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني نمواً نسبته 2.31% بعد أن أغلق عند مستوى 454.48 نقطة، في حين أقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 1,068.42 نقطة، بنمو نسبته 2.52% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. وقد شهد السوق هذا الأداء في ظل ارتفاع المتغيرات الأسبوعية لمؤشرات التداول بالمقارنة مع تعاملات الأسبوع الماضي، حيث زاد متوسط قيمة التداول بنسبة بلغت 58.44% ليصل إلى 38.31 مليون د.ك.، في حين سجل متوسط كمية التداول نمواً نسبته 60.55%، ليبلغ 422.82 مليون سهم.
مؤشرات القطاعات
سجلت تسعة من قطاعات سوق الكويت للأوراق المالية نمواً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، فيما تراجعت مؤشرات القطاعات الثلاثة الباقية، وتصدر قطاع العقار لائحة القطاعات التي سجلت ارتفاعاً، إذ أقفل مؤشره عند 1,397.74 نقطة مسجلاً نمواً نسبته 8.60%. تبعه قطاع الخدمات المالية في المركز الثاني مع ارتفاع مؤشره بنسبة 6.90% بعد أن أغلق عند 1,062.90 نقطة. في حين شغل قطاع النفط والغاز المرتبة الثالثة، حيث أغلق مؤشره مرتفعاً بنسبة 5.23% عند مستوى 1,202.12 نقطة. أما أقل القطاعات تسجيلاً للمكاسب، فكان قطاع السلع الاستهلاكية، إذ أغلق مؤشره عند 1,210.93 نقطة مسجلاً نمواً نسبته 0.32%.
من ناحية أخرى، تصدر قطاع التكنولوجيا لائحة القطاعات التي سجلت خسائر، حيث أغلق مؤشره مع نهاية الأسبوع مسجلاً خسارة نسبتها 2.85%، عند مستوى 1,028.22 نقطة، في حين جاء قطاع المواد الأساسية في المرتبة الثانية مع انخفاض مؤشره بنسبة 0.57% مغلقاً عند مستوى 1,120.69 نقطة، أما أقل القطاعات تراجعاً فكان قطاع الرعاية الصحية، والذي أغلق مؤشره عند مستوى 1,062.31 نقطة، بانخفاض نسبته 0.43%.
تداولات القطاعات
شغل قطاع الخدمات المالية المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 755.42 مليون سهم شكلت 35.73% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 727.44 مليون سهم للقطاع أي ما نسبته 34.41% من إجمالي تداولات السوق، أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع الصناعية، والذي بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 14.19% بعد أن وصل إلى 300.04 مليون سهم.
أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 34.26% بقيمة إجمالية بلغت 65.61 مليون د.ك.، وجاء قطاع العقار في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 23.78% وبقيمة إجمالية بلغت 45.55 مليون د.ك. أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع الخدمات المالية، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 43.56 مليون د.ك. شكلت 22.74% من إجمالي تداولات السوق.
قم بكتابة اول تعليق