أي الحكمين اخف على الانسان المذنب بجريمة منكرة، تجريده من الجنسية أم اعدامه..؟!!
وهل هناك انسان مهما كان وضعه له قيمة في ايدينا اذا جرد من جنسيته أو اذا كان بلا هوية تعريفية تميزه عن الآخرين..؟!!
وهل من العدالة الحكم على الانسان بالنوايا، ومتى كان الانسان مهما اتصف بالعدل والحق أعدل واحق وارحم من الله الرحمن الرحيم..؟!!
ان الله قد ترك فرصة التوبة للخطائين، ولذلك فباب الرحمة الإلهية لا يغلق امام هؤلاء الخطائين والمخطئين فالله هو الرحيم، ولأن الله جل شأنه لا يحب الظلم.
لعلي لا اريد في هذه المسألة ان اطيل أو اطنب في القول والشرح والتبيان، فلعل فطنة القارئ العزيز وثقافته الجمة تغنيني عن مشقة الشرح والاطناب، الا ان غاية ما انحو اليه هو تبيان قضية قد تكررت وتضرر من جرائها أناس قد لا يستحقون ما نزل عليهم من ذلك الحكم القاسي والمهين وهو تجريده من جنسيته أو من هويته مثل ذلك سحب جنسية المواطن سليمان أبوغيث الذي لئن اعتنق فكرا متطرفا، لكنه لم يسئ الى وطنه أو يبطن اليه شرا، فكونه التحق بتنظيم القاعدة لعل ذلك لا يعد جريمة، وإلا لكان هناك متطرفون ومؤمنون بفكر وعقيدة القاعدة تعج بهم البلاد، فلم يصبهم ما اصاب المواطن بوغيث، من هنا اعتقد ان تجريد هذا المواطن من جنسيته كان اجراء خاطئا ومتعجلا. مثلما باعتقادي تجريد المواطن الآخر من جنسيته على الرغم من وقاحته وتطاوله الفج على صحابة الرسول الكريم واهل بيته الاطهار، فلعل هناك احكاماً اخرى بديلة يمكن اللجوء اليها دون ان يلحق به الضرر النفسي والشخصي وتحقق ذات الغرض.
لقد كانوا في العصور البائدة اذا ارادوا التخلص من شخص مشاغب أو معارض للسلطة الحاكمة اتهموه بالزندقة فكان حكم ذلك الصلب أو النطع، كان ذلك يحدث في العصور البائدة ولا سيما في العصر العباسي (الحلاج مثالا).
ومن العجب انه في هذا العصر التنويري ان يكون عندنا من لايزال يعيش في جلباب الماضي رافضا خلعه ومواكبة العصر، مصادرا حق الآخرين في حرية التفكير وحرية التعبير..!!
ان الارهاب ليس رصاصة تطلق أو قنبلة تزرع أو سيارة تفخخ، فيهلك ابرياء ويجرح آخرون، وانما الاحكام القاسية ومصادرة الحريات وحق التعبير والتفكير والتجريد من حقوق المواطنة، فإسقاط الجنسية أو نحو ذلك كل هذا يعد ارهابا لا يقل عن ارهاب القنبلة والمفخخة.
ان البعض يتصور وبخاصة الغلاة والمنغلقون فكريا انهم هم يمثلون الايمان كله وغيرهم يمثلون الكفر كله، وهذا لعمري يعود لسقم في العقول وقصور في الوعي.
ان مثل هؤلاء كارثة اذا فرضوا على البلاد والعباد عقيدتهم الظلامية، فلا يصيبنا الا المزيد من العقد والامراض النفسية والتخلف الحضاري، لذلك نشكر السادة النواب المحترمين اعضاء اللجنة التشريعية والقانونية في مجلس الامة الذين «رفضوا مقترحا يقضي بسحب الجنسية ممن صدر بحقه حكم لتعرضه للذات الالهية أو للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، مستندين في ذلك الى كون عدم جواز زج الدين في الجنسية، وكون المجتمع الكويتي مجتمعاً متديناً لا يقبل مثل هذا» حسب تصريح عضوة اللجنة الدكتورة معصومة المبارك.
ان مسؤولية السلطة التشريعية ومسؤولية القوانين حماية المجتمع من الردة، وحماية المجتمع من الغلاة المتطرفين والمنغلقين فكرا وعقلا.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق