حسن كرم: عندما يصرح سمو رئيس الوزراء

ترى كم عدد المرات التي ادلى بها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح بتصريحات وكان محورها من قبيل التنمية وتوقف التنمية وتأخر التنمية وضرورة تطبيق القوانين ومحاسبة المقصرين..؟!!
انا شخصيا لا احمل احصائية عن عدد المرات، لكنني ازعم انها لو جمعت لملأت مجلداً ضخماً.
يخيل لي.. عندما يصرح سمو رئيس الوزراء بحديث أو بتصريح للصحافة كما لو انه يصرح لأول مرة، لا انه ادلى بتصريحات مماثلة عند مرات سابقة..!!
ويخيل لي – وهنا بيت القصيد – عندما يصرح سموه بتصريح كما لو يتولى رئاسة مجلس الوزراء للمرة الاولى، لا ان هذه الوزارة الاخيرة هي السادسة التي يشكلها في خلال بضع سنوات!!
لذلك، اعذروني اذا تجاوزت قدري وقلت ان تصريحات سموه نسخة كربونية متكررة لا تحمل مفاجأة ولا تحمل جديدا وانما يطبق على هذه التصريحات القول العامي: تيتي.. تيتي..!!
في تصريح اخير لسموه الى جريدة (القبس) نشر في عدد الاربعاء الماضي، وانا هنا انقل الجزء الاهم من ذلك التصريح، «قال رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك ان المرحلة الجديدة في الكويت (تأملوا المرحلة الجديدة) تتطلب اداء جديداً على مختلف مستويات الدولة واجهزتها خاصة مجلس الوزراء ككل وعلى مستوى كل وزير في مجاله على حدة، ويرى المبارك – والكلام للقبس – ان العنوان العريض للمرحلة الجديدة هو تفعيل القوانين والالتزام بها وتطبيقها واطلاق التنمية المتوقفة والمشاريع المعطلة، واكد رئيس الوزراء لـ(القبس) ان المتابعة كي تكون فاعلة ينبغي ان تقترن بالمحاسبة(!!) محاسبة المقصر والمرتكب ومن يخالف القوانين أو يخرقها على أي مستوى كان في الحكومة ومختلف اجهزة الدولة» (انتهى النقل).
ايضا اعذروني اذا تساءلت: هل هذا التصريح مقبول من المسؤول الاول في حكومة دولة الكويت الذي تولى خمس وزارات سابقة وهذه السادسة؟ فماذا عن السنوات السابقة وماذا عن الوزراء السابقين سواء الذين تقاعسوا عن تطبيق القوانين أو الذين اخلصوا؟! وماذا عنه كرئيس للوزراء وهو يقف على رأس السلطة التنفيذية، هل هو قصور من وزرائه أم قصور منه كرئيس للوزراء؟ واذا كان يدرك بأن هناك قصورا من وزرائه أو الجهاز التنفيذي، فلماذا تغاضى عن القصور ولم يحاسب الوزير المقصر ويكافئ الوزير المجتهد؟ ولماذا يتهرب عن الاعتراف بأنه هو جزء من ذلك القصور والتقاعس؟ ولماذا لم يهز عصى الاصلاح فيضرب على نافوخ المفسدين والمتلاعبين والمتقاعسين والمقصرين في الاجهزة الحكومية المترهلة اصلا والغارقة بالفوضى والفساد؟ وهل اطلع سموه على مهزلة خطة الطوارئ التي عرضها وزراؤه على اعضاء مجلس الامة؟ هل هذه خطة طوارئ تناسب زمن الحروب؟ واما عن المرحومة التنمية فأعزف سيمفونية الوداع ورتل قصائد الرثاء والبكائيات، فالتنمية يا مولاي ميتة وماتت من زمان فما الجديد الذي يحيي العظام التي رميت..؟!!
دعونا نصدق ان الكويت قد دخلت مرحلة جديدة مباركة بقدوم الحكومة الجديدة المباركة وبمجلس امة مبارك وان عنوان المرحلة هو المحاسبة وتطبيق القوانين – هذا جيد – اذا صدقت الاقوال، لكن، لماذا لم يحاسب رئيس الوزراء وزراءه الحاليين المتقاعسين والمتجاوزين للقوانين..؟ هل موت نزيلة دار الايتام في ظروف غامضة وفي خارج الدار ألا يعد تقاعسا واهمالا استحق عليه محاسبة المسؤولين في الوزارة بدء من السيدة الوزيرة وانتهاء ببواب الدار؟ وهل توظيف الوزيرة ذاتها شقيقتها مستشارة في مكتبها (بارت تايم) وبمكافأة مجزية يطابق القوانين أم يطابق المثل القائل من صادها عشى عياله؟! وهل سلسلة الحرائق في مناطق السكراب وسرقة الكيبلات وقطع التيار الكهربائي على المواطنين، وفضيحة الداو وتكبد الدولة اكثر من ملياري دولار ذهبت بشربة ماء وطمس لجنة التحقيق حول الداو، ومهزلة الترقيات في القطاع النفطي في عهد وزير النفط السابق، أليست هذه كلها فضائح واهمال واستهتار وتجاوز على القوانين وتقاعس في المسؤولية؟ فأين المحاسبة والجزاء والعقاب؟ ودع عنك يا مولاي فوضى المرور الازلية وتراجع مستوى التعليم والصحة وتكدس مئات الآلاف من الموظفين غير الضرورين البلداء والكسالى في غرف ضيقة داخل الوزارات والدوائر الحكومية، من يصدق ان نحو (%60) من موازنة الدولة تذهب هدرا على رواتب ومعاشات ومكافآت للموظفين الحكوميين، واما الانتاج فـ«صفر مكعب»..!!
واما عن التنمية، فهل التنمية شوية بنايات وابراج عالية ومشاريع اسمنتية، أم التنمية منظومة متكاملة: اسكان، صناعة، زراعة، تجارة واقتصاد ورعاية اجتماعية وتعليم وتربية وصحة وفن وثقافة وسياحة وانفتاح على العالم.. الخ. فأي مجال من هذه المجالات نجحت فيه الحكومة..؟!!
الخلاصة.. يا سمو الرئيس، اذا كنت جادا وأخالك جادا اذن.. فدعْ التصريحات الفضفاضة التي لا تغير من الواقع المأساوي شيئا، ولعل افصح من الحديث هو العمل الجاد لذلك مطلوب من سموكم ان تنزع بشتك وتترك المكتب وتنزل الى مواقع العمل حتى ترى بأم عينك حقيقة الاوضاع على الطبيعة، وترى اوجه القصور والتقاعس، فلعل عشمنا بسموكم الافعال قبل الاقوال وعشمنا الاعتراف بالقصور وعشمنا ان تقول سموكم حاسبوني على اخطاء الحكومة.

حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.