حسين العبدالله: مرافعة : ألم تنته حفلة شتم القضاء؟!

بعد صدور حكم ابتدائي ببراءة ضباط القوات الخاصة المتهمين بالاعتداء على د. عبيد الوسمي، وبعد صدور حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس 2012 وبطلان عضوية الـ50 نائبا وعودة مجلس 2009 للانعقاد لم تتوقف حفلة السب والتشكيك بأحكام القضاء، بعد أن حمل بعض نواب المجلس الذي انتهت المحكمة إلى بطلانه قيادة الهجوم على القضاء والطعن بأحكامه والتعرض لنزاهة رجاله وسبب ذلك الهجوم يأتي أولا لاستغلال البعض ضعف الحكومة، وثانيا تصريحات وزير العدل التي ساهمت في مضاعفة الهجوم على الأحكام القضائية بما أظهر الأمر لبعض العامة من وقوع القضاء بأخطاء فادحة وجسيمة وغير مهنية من جراء إصداره لتك الأحكام!
ليست التصريحات وحدها ما تمثل الجريمة بذاتها، بل الكارثة ان مطلقيها يريدون التكسب الانتخابي على حساب التشكيك في أحكام القضاء، ويريدون منها وقودا لحملاتهم الانتخابية، ففي الوقت الذي يصدر القضاء أحكاما لصالحهم إما ببراءتهم في بعض القضايا الجزائية أو برفض الدعاوى المدنية المقامة ضدهم يكون نزيها وحياديا وصالحا، في حين يكون قضاء باطلا ومنعدما وما يصدر عنه يمثل قرارات وليست أحكاما إذا ما أصدر أحكاما بإدانتهم أو ببطلان عضويتهم؟!
أليست المحكمة الدستورية التي أصدرت حكم بطلان انتخابات مجلس 2012 هي ذات المحكمة الدستورية هي التي قضت بعدم دستورية 9 مواد من قانون التجمعات، وهي ذات المحكمة الدستورية التي قضت بعدم دستورية المادة 15 من قانون الجوازات والجنسية، والتي كانت تلزم الزوجة أخذ موافقة الزوج لاستخراج جواز سفر لها، وهي ذات المحكمة الدستورية التي قضت بعدم دستورية المادة 5 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية التي كانت تمنع استئناف أحكام الجنح التي لا تزيد قيمتها عن 40 دينارا، وهي ذات المحكمة الدستورية التي أبطلت عضوية عبدالله مهدي ومبارك الوعلان وأعلنت فوز سعدون حماد وعسكر العنزي وبعده خالد العدوة بدلا من بادي الدوسري؟ ما الذي تغير بعد أن كانت تتلقى المحكمة الدستورية المديح الحار من كل القوى السياسية مهما كانت توجهاتهم لتنال اليوم كل أنواع التشكيك والإهانة؟!
هي المحكمة الدستورية التي ألغت 9 مواد من قانون التجمعات لمخالفتها حق التجمع الذي كفله الدستور، وقضت بعدم دستوريتها لمخالفتها نص المادة 44 من الدستور وهي ذات المحكمة التي رأت أن الإجراءات التي اتبعت في إصدار مرسوم حل مجلس الأمة لم تتوافق مع نص المادة 107 من الدستور!
إذاً فحفلة الإهانة والتشكيك في أحكام القضاء التي لم تنته بعد، لا هدف منها سوى النيل من القضاء وإضعافه والتأثير على أحكامه في المستقبل، وهو ما جعل أحد النواب السابقين يتمادى بإطلاقه أحكاما مسبقة على النواب المتهمين بقضية اقتحام المجلس، التي ينظرها القضاء بشكل متكرر ولافت ليعطي انطباعا بأن أحكام القضاء قد صدرت وانتهت بحق النواب المتهمين في القضاء، وأن المحاكمة التي تجرى الآن ما هي إلا إجراءات وتتبع، فكيف سمح هذا النائب وغيره بالتعرض للقضاء بهذه الطريقة وما الرسالة التي يريد إيصالها؟ وكيف سيفهم العامة من الناس هذه الرسالة؟!
أي عدالة تريدونها؟ وما هي العدالة التي تليق بكم وتكون على مقاسكم؟ تريدون عدالة تكتبون أنتم حيثياتها وأسبابها ومنطوقها وإلا نعتموها بمحكمة «الفريج» كما أسماها أحدكم؟ تريدونها عدالة تحكم لنبضكم فقط تأخذ بأسبابكم ودوافعكم وتصدق قصدكم الجنائي وترمي الأدلة مهما كانت وراءها، فتستأذنكم قبل إصدار الأحكام وتشاوركم قبل أن تصدر العقوبات، وتدين خصومكم وتغلظ العقوبات بحقهم وتأخذ بأسبابكم وأدلتكم في سبيل القضاء بالإدانة وإلا باتت عدالة لا تحكم بالعدل والحق فوجبت محاسبتها والتصدي لها؟!
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.