ألقى الخبير الاقتصادي والسياسي حجاج بوخضور باللائمة على وزارة الأوقاف بشأن حالة البلبلة التي يعيشها المواطن حتى بات لا يعرف معايير الصواب من الخطأ، وقال: لم تعد المساجد تقوم بدورها المنوط بها، وكثير من أئمة المساجد ليسوا على قدر المسؤولية، ولا توجد لدى وزارة الأوقاف خطة لتطوير المجتمع من خلال المنبر تتناول المشاكل التي يواجهها المجتمع.
وقال بو خضور لـ هنا الكويت إن الحكومة تريد أن تكون الوجه الآخر لمجلس الأمة، مستدركا: ولكن عليها أن تلتفت إلى أطراف اللعبة السياسية في الكويت، فيجب ألا تعمل لإرضاء أعضاء مجلس الأمة، بل يجب أن تعمل وفق خطة مدروسة وفيما يلي تفاصيل الحوار:
كيف تقرأ المشهد السياسي في ظل التوتر النيابي ـ النيابي والتهديد النيابي ـ الحكومي؟
المشهد السياسي في الكويت لم يعد منتجا، مع التقدير للأشخاص بشكل عام، وسيظل على ذلك إن لم يتم التحرك نحو الإصلاح والتنمية، ومادامت الأمور تسير بطريقة عشوائية فسيظل الوضع غير منتج.
وما السبب في ذلك من وجهة نظركم؟
هذا الأمر جاء بسبب الثقافة النيابية التي سادت الكويت خلال العشرين سنة الماضية، فقد جاء هذا الأمر نتيجة أن بعض النواب لا يعمل من خلال عقيدة منتجة مبنية على تحمل المسؤولية وتجسد على أرض الواقع، من خلال تحقيق الإنجاز الذي يتمنى أن يراه الشعب، فالمخاض الذي كانت عليه الكويت خلال الفترة الماضية هو ما أخرج لنا نوابا لا تحمل مفهوم المسؤولية، ومفهوم المسؤولية هو أن يعي الفرد التحديات القائمة، وكيف يوظف الإمكانيات في سبيل تحقيق التنمية المنشودة، من خلال طرح أفكار قابلة للتطبيق على أرض الواقع، لا أن يعتمد النائب على المشاريع الشعبوية كإسقاط القروض أو فوائدها أو زيادة المكافأة لفلان، فهذه الأمور بها نفَس استهلاكي وهذه الأمور هي عنوان فشلهم.
لماذا؟
لأن أعضاء مجلس الأمة دائما ما يبحثون عن التحدي الشخصي، وليس التحدي المؤسسي القائم على التنمية وطرح مشاريع بقوانين تدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، فما يجب أن تكون عليه الكويت ليس من ضمن اقتراحات النواب، بل هم يبحثون عن التحديات الشخصية.
وبالنسبة إلى الحكومة؟
الحكومة تأتي ترجمة لهذا الواقع النيابي، من خلال الاتيان بوزراء يمثلون الوجه الآخر للعملة النيابية، لذا يجب أن نتحرر من هذا الأمر، ويجب أن يضعوا نصب أعينهم التحديات التي تواجههم وماهية تلك التحديات وماهية خطة التنمية وما يجب ان تكون عليه، ونأمل من رئيس مجلس الوزراء ومن رئيس مجلس الأمة الشاب أن يأتيا بنهج جديد وأن يقدما خارطة عمل يتفق عليها النواب.
وما التحديات التي يجب ان ننظر إليها من وجهة نظرك؟
التحديات أولها أن نتحدث عن مصادر أخرى للدخل، فنحن لدينا مصدر واحد فقط للدخل، والبلد خلال السنوات الخمس الماضية لم توجد به تنمية، على الرغم من أننا وضعنا فيها 60 مليار دولار ولم ننتج أي شيء، فلا توجد تنمية حقيقية في الكويت.
وما أهم القوانين التي يجب النظر إليها من وجهة نظرك؟
هناك مجموعة من القوانين التي يجب إصدارها، فنحن نحتاج إلى بنية تشريعية جديدة، فالكويت دولة مضى عليها أكثر من 50 سنة تحتاج إلى التطوير وتحتاج إلى إعادة النظر في كل تفاصيل العمل فيها، فالكويت لا تعمل وفق مفهوم الدولة الحديثة، ونحن لا نقول وفق مفهوم الدولة الإلكترونية، فالإمكانيات التي نملكها تؤهلنا إلى أن ندخل في مصاف الدول الحديثة، كما يجب معالجة السلبيات التي توجد في المجتمع، ويجب أن نضع خطة تطرح في المجلس، ويجب ان تلمس هذه الخطة احتياجات المواطن، ويجب أن تكون هناك ارضية مشتركة للاتفاق على تلك الخطة حتى نستطيع تنفيذها على أرض الواقع.
هل الحكومة التي يجب أن تأتي ترجمة للواقع النيابي المقصود بها الحكومة الشعبية؟
لا ليس المقصود بها الحكومة الشعبية، بل الحكومة التي تلمس حاجات المواطنة، والقادرة على تحقيق آمال وطموحات المواطن، وأن تكون معبرة عن مجلس الأمة، فللأسف الشديد بعض مؤسسات الدولة لم تعد تقوم بالدور المنوط بها، فلم تعد المساجد تقوم بدورها المنوط بها، وبعض الناس أصبح لا يعرف معايير الصواب من الخطأ، وأئمة المساجد ليسوا على قدر المسؤولية، فالمنبر له وظيفة من خلال خطبة الجمعة وتأثيرها على برمجة الناس وتناول حياتهم اليومية، فلا توجد لدى وزارة الأوقاف خطة لتطوير المجتمع من خلال المنبر، وهذه الخطة تتناول المشاكل التي يواجهها المجتمع وكيفية حلها من خلال الشرع، كما أن الاعلام أيضا عليه مسؤولية.
وما مسؤولية الاعلام؟
مشكلة الصحافة لدينا كبيرة، فأصبحت اللغة العربية أحيانا فيها مبتذلة، فلم يعد يوجد الرقي في الطرح، حتى المقالات أصبحت فاقدة لأدنى أركان المقال، فلو بحثنا عن مقال في الصحف اليومية يستوفي أركان شروط المقال فلن نجد، فليس كل من أمسك القلم كاتب مقال… فالإعلام يحتاج إلى تطوير.
تثار الآن مسألة تعديل الصوت الواحد داخل مجلس الأمة.. فهل أنت مؤيد للتعديل أم أن الصوت الواحد هو الأفضل؟
أولا نحن نطرح الأفكار وفق أهوائنا وليس وفق التجربة، وما يطرح من تغيير للصوت الواحد، فالجميع يرى مصلحته أولا، وقبل مسألة التعديل فمن وصل إلى قاعة عبدالله السالم بالصوت الواحد لا يريد تغييره، ولكننا نحتاج إلى تعديل النظام الانتخابي وفق المصلحة العامة، ومن يُرد تعديل الصوت الواحد فعليه أن يقدم دراسة وافية عن إيجابيات وسلبيات النظام الذي يريده، من خلال الواقع وليس من خلال التنظير، وعلى الجميع أن يقوموا بدراسة الـ 25 دائرة والـ 10 دوائر، وأن يضع معايير حجم التعاون بين السلطتين، لذا لا بد من وضع معايير معينة، ونحاول أن نسقطها على الأنظمة المختلفة، وبالنهاية النظام الأفضل يجب أن نعمل من خلاله، فيجب ألا يطرح الموضوع كما تطرحه المعارضة وتقول ان أسوأ نظام هو نظام الصوت الواحد، ولا بد من العودة إلى الأصوات الأربعة، ومن وجهة نظري فإن أسوأ نظام مر على الكويت هو نظام الأصوات الأربعة، فقد عزز الخلافات الحادة بين السلطتين وكثرت من خلاله الاستجوابات.
برأيك، هل الصوت الواحد أفضل؟
الصوت الواحد أيضا ليس هو الأفضل، فقد عزز الطائفية والفئوية والقبلية، كما أنه بشكل عام لم يخرج لنا الكفاءات التي كنا نتمنى أن نراها داخل قاعة عبدالله السالم، وأعتقد أنه إذا تم تقديم دراسة وافية عن النظام الانتخابي فسوف تدعمه الحكومة، فالحكومة حينما قدمت الصوت الواحد إنما قدمت ما تراه مناسبا لها، ولها الحق في ذلك.
وما رأيك في الحكومة الحالية؟
الحكومة تريد أن تكون الوجه الآخر لمجلس الأمة، ولكن عليها أن تلتفت إلى أطراف اللعبة السياسية في الكويت، فيجب ألا تعمل لارضاء أعضاء مجلس الأمة، بل يجب أن تعمل وفق خطة مدروسة وموضوعية وتحاول تطبيقها على أرض الواقع.
هناك تلويحات ببعض الاستجوابات من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة؟
الاستجواب حق للنائب، وهذا وفقا للدستور والقانون، وهناك تسع أدوات رقابية يجب أن يستخدمها النائب قبل الوصول إلى أداة الاستجواب، وأؤكد أن النائب الذي يلجأ إلى الاستجواب كأول وسيلة من وسائل المراقبة والمحاسبة فهو يعلن عدم كفاءته التشريعية والرقابية، لأن النائب بيده أمران تشريع متقن ورقابة لاحقة، فإذا كان التشريع متقنا فالحكومة ستعمل وفق التشريع الصحيح والذي لا مجال للخطأ فيه، وسيستخدم النائب الرقابة في أضيق الحدود، فهناك أدوات دستورية أخرى، كما أن هناك رقابة ديوان المحاسبة على الوزراء، لذا أعتقد أن آخر الدواء يكون الكي بالاستجواب، وحينها سيكون الاستجواب ناجحا، وذلك من خلال اثبات الأدلة على الوزير الذي ينحرف عن مساره الصحيح من خلال عدم احترامه للقوانين، ومن خلال ملاحظات ديوان المحاسبة، أما التصريح بالاستجواب على كل شيء فهو أمر لا يعقل، وعلى النواب أن يفهموا أن الاستجواب هو تصريح من قبل النائب بفشله.
ماذا يجب على النواب في الفترة المقبلة؟
النواب مدعوون إلى الإنجاز، خصوصا في المجال الاقتصادي، ما سينعكس ايجابا على المجتمع ككل، كما ان عدم الإنجاز يؤثر سلبا في المجتمع الذي يمثلونه ويصيب أفراده بالخيبة واليأس، ولا بد أن تنتج السلطة التشريعية القوانين الدقيقة والمدروسة بعناية وأن يؤخذ بعين الاعتبار لدى القيام بالتشريع مدى مواءمة هذه التشريعات للقوانين والانظمة القائمة، ولا بد أن يكون لدينا تعريف واضح للتنمية والصيغة المناسبة التي تتوافق مع التحديات التي تواجه الكويت في المرحلة المقبلة، وماهية التنمية وفق الامكانيات المتاحة في البلاد وما يراد للكويت ان تصل اليه مستقبلا، ولا بد من اعادة صياغة عدة قوانين وإتقانها لئلا تتعارض مع القوانين المعمول بها حاليا، واستحداث العديد غيرها والتأكيد على إتقانها بالاستعانة بالخبراء في مختلف المجالات.
في وسط الغلاء الفاحش الذي نعيشه ماذا يجب على الحكومة؟
على الحكومة أن تقوم بدور رقابي أكبر بشأن ارتفاع أسعار السلع والرقابة المسبقة عليها حتى تتماشى مع التطورات، إلى جانب ضرورة وجود خطة واضحة لضمان الاستقرار، وتكون متوافقة مع النمو السكاني وبشكل طبيعي سترتفع الأسعار، حيث أصبح المجتمع الكويتي يشكو من الارتفاع والغلاء المصطنع، خصوصا في الفترات الأخيرة، كما أن الجهات الرقابية لم توفر الإمكانات للحد من هذا التضخم الذي يكلف كثيرا، كما يجب التنسيق بين الجهات المعنية وإقامة المختبرات، وبأن يكون هناك تعاون في المنافذ الحدودية لمنع دخول بضائع تجار الأغذية الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك البشري، حتى تحمي المواطنين من تلك البضائع التي تضر بصحة المستهلك.
برأيك، لماذا سارعت دول الخليج بمساعدة مصر؟
أحد أهم الأسباب لمسارعة دول الخليج إلى تقديم الدعم المالي لمصر هو الحرص على إعادة الاستقرار والهدوء في البلاد، بما يعيد الاستقرار إلى أسواق النفط، فهؤلاء المنتجون الكبار للنفط يعلمون أن استقرار الأسواق أفضل بكثير من ارتفاع الأسعار على وقع التوترات، حيث إن الارتفاع الذي طرأ على الأسعار كان ناتجا عن اضطراب في الأسواق، ولم يكن ارتفاعا طبيعيا ومنطقيا.
قم بكتابة اول تعليق