دعا أمين سر مجلس الأمة، يعقوب الصانع، رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك إلى منح الوزراء الصلاحيات الكاملة في تنفيذ برنامج عمل وزاراتهم، ودعمهم في قراراتهم باختيار طاقمهم الوزاري، ومتابعة أدائهم من خلال سياسة الثواب والعقاب، وألا يتردد في إعفاء من يخرج عن جادة الصواب.
وأكد الصانع في لقاء مع القبس أن جميع الوزراء تحت المجهر «ولست مع منح الحكومة مهلة قبل المحاسبة، سيما أن الوزراء الذين يتورّطون في الفساد لا يستحقون الفرصة»، مشددا على أن الوزراء لم يكونوا متعاونين مع المجلس المبطل الثاني.
وأوضح أن الحكومة غرقت في القوانين التي أقرها مجلس الأمة المبطل وتبين أن لديها مشكلة في تنفيذ القوانين بدت في عدم قدرتها على إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين التي أصدرتها المجالس المتعاقبة.
وبيّن الصانع أن إجابات الحكومة عن تساؤلاتنا في الجلسة المخصصة لمناقشة قضية «الداو» ستحدد خطواتنا اللاحقة، فإن لم تكن شافية، فلدينا أدواتنا الدستورية، لافتا إلى ان «لي طريقتي الخاصة إن نويت استجواب وزير النفط مصطفى الشمالي».
وفي ما يلي التفاصيل:
كيف تقيّم حكومة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك حتى اللحظة، لاسيما ونحن على أعتاب دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الرابع عشر؟
– قد تكون هناك نية حقيقية للإنجاز لدى الحكومة، ولكن هذه النية يجب ألا تكون مبنية على التمنيات، بل ينبغي أن توضع لها أسس صلبة، وإيجاد بيئة سليمة للإنجاز والتنمية، والنية بمفردها دون إرادة أو وضع برنامج حقيقي وزمني للتنفيذ لا فائدة مرجوة منها على الإطلاق.
إن مشكلتنا اليوم ليست في وضع الأولويات النيابية لإقرارها في دور الانعقاد المقبل، فالمجلس المبطل الثاني أخيراً أصدر قوانين عدة، إلا أنها لم ترَ النور حتى اليوم، فالحكومة غرقت في تطبيق القوانين التي يقرها المجلس، واتضح لنا أنها لم تعد قادرة على إصدار لوائحها التنفيذية، ما يعني أن المشكلة تكمن في كيفية تنفيذ برنامج عملها.
وإن كانت الحكومة صادقة في الإنجاز، فإن عليها مسؤوليات جمة لمكافحة الفساد المستشري في أجهزة وقطاعات الدولة، لأنها في وجود الفساد لا يمكن أن تنفذ أي برنامج، إضافة إلى أن رئيس مجلس الوزراء مطالب بمنح الوزراء الصلاحية الكاملة بتنفيذ برنامج وزاراتهم، لأن المركزية ستعطله، ولا يمكن أن ينجز الوزراء أعمالهم إن كانت هناك عوائق تمنع الوزراء من اختيار طاقم عملهم وإعفاء من يرونه غير كفؤ في البقاء بمنصبه في وزارته، إن كان الوزير اليوم لا يستطيع إعفاء مدير إدارة أو وكيل وزارة بوزارته نتساءل كيف يدير الوزير وزارته؟
التشريع والرقابة
وما دورك في حالة عدم قدرة الحكومة على تنفيذ ما وعدت به؟
– اليوم النائب لديه قناتان هما التشريع والرقابة، والحمد لله، فقد حصدت المراكز الأولى وفق الاستبيانات النيابية بعدد الاقتراحات بقوانين مميزة وتحاكي العقل والمنطق التي تقدمت بها في دورتي الأولى بمجلس الأمة المبطل الثاني أخيراً.
أما في موضوع الرقابة، فيمكن أن أكون الوحيد الذي نجح في استجوابه بالمجلس ذاته، هو استجوابي الذي تقدمت به مع عدد من النواب إلى وزير النفط، وسأمضي على الدرب ذاته.
تعطيل القوانين
ما السبب وراء عدم قدرة الحكومة على إصدار اللوائح التنفيذية لعدد كبير من القوانين التي أقرها مجلس الأمة أخيراً؟ هل هو عدم قدرة المجلس على التشريع السليم، وظهور عوار دستوري بعد إقراره، أم أنه غير قابل على التطبيق العملي؟
هذه مصيبة إن كانت الحكومة تصوّت معنا بالموافقة على القوانين، ومن ثم تأتي إلينا لتقول إنها تواجه مشاكل وصعوبة في التطبيق، نحن في النهاية بشر، وقد نكون مخطئين، وإن كان نوعاً ما الخطأ مبرراً يغتفر إلى حد ما للنائب، لأنه لا يملك جهازاً فنياً كبيراً، فإنه لا يغتفر للحكومة التي تملك جيشاً جراراً من المستشارين والأجهزة الفنية التي تساعدها على مراجعة القوانين وصياغتها ومعرفة تنفيذها.
نحن سنضع هذه المشكلة في عين الاعتبار في دور الانعقاد المقبل، وسنركز عليها، وأنا مؤمن بالتدرج في المساءلة السياسية بدءاً من السؤال البرلماني إلى الجلسات الخاصة إلى لجان التحقيق ثم الوصول إلى السؤال المغلظ بتوجيه الاستجواب.
مجهر المحاسبة
من وجهة نظرك، من هم الوزراء الذين يقعون تحت المجهر؟
– من وجهة نظري، يفترض علينا أن نضع معظم الوزراء تحت المجهر، لكونها قاعدة دستورية تحتم علينا مراقبة أعمال الحكومة، ولا يجوز أن نحدد الوزراء بعينهم تحت المجهر، وعلينا أن تكون مراقبتنا بمسطرة واحدة على جميع الوزراء، لكوننا لا نستهدف أشخاصا.
ولكن هناك من يرى أن بعض الوزراء وقعوا في أخطاء أثناء عملهم الوزاري؟
– إن المساءلة السياسية تقع على الوزراء لأسباب عدة، أهمهما وقوع الوزراء في الفساد، وبالتالي هذا الفساد لا يحتاج إلى متسع من الوقت لعمل اللازم، لأنه استخدم التجاوزات واستغل منصبه وتجاوز القانون، وهؤلاء لا يستحقون منحهم فرصة.
إن من يستحق مساحة أكبر من الوقت لإصلاح الاعوجاج الحاصل في وزارته، هو من لم يقع في المحظورات أو اتهم بالفساد، وتكون الفرصة محددة بوقت لإجراء اللازم، وتقويم أعمال وزارته، وتمنحه فرصة عن طريق تنبيهه بتوجيه سؤال نيابي، وتوصيل رسالة سياسية.
هل تجاوب الوزراء اليوم مع ملاحظاتكم وأسئلتكم؟
– بحاجة إلى متسع من الوقت اليوم لمعرفة مدى تجاوب الوزراء معنا في المجلس الحالي، ولكن يمكنني القول إن الوزراء لم يكونوا متعاونين أو متجاوبين معنا في المجلس المبطل الثاني أخيراً.
صفقة «الداو»
قدمت في المجلس المبطل الثاني أخيراً استجواباً لوزير النفط الأسبق هاني حسين، على خلفية قضية إلغاء صفقة «الداو كيميكال»، واليوم ما خطواتك بعد تعيين مصطفى الشمالي وزيراً للنفط بالأصالة لمتابعة هذا الملف؟
– طلبت عقد جلسة خاصة لمناقشة إلغاء صفقة «الداو كيميكال»، وبدأت في القضية بجزئية صغيرة جداً، وهي أن إدارة الفتوى والتشريع أصدرت تقريراً مفصلاً عن القضية، أكد فيه إمكانية إبطال حكم محكمة التحكيم الخاصة بالقضية، علماً بأن «الفتوى» هي الجهة الوحيدة المختصة في الجوانب القانونية في الدولة، وفضل ألا تسدد الأموال، إلا أن الحكومة اتخذت قرارها بتسديد المبلغ رغم إمكانية إبطال الحكم.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو لماذا اتخذ قرار التسديد، وهل ناقش مجلس الوزراء هذا التقرير؟، هل جاء تقرير آخر من ذات الجهة برأيي ثاني يطالب بالسداد؟، وبخلاف هذا الأمر أريد سماع إجابة وزير النفط، وسؤالي بالجلسة الخاصة عن السياسة العامة لوزارة النفط، وليس استجوابا، وإن كنت أنوي استجواب وزير النفط الحالي، فإن لي طريقتي الخاصة، إن رغبت ذلك.
إن اللجنة الوزارية التي قررت السداد لشركة «الداو كيميكال» لايزالون وزراء في الحكومة الحالي، وعليهم الإجابة على سؤالي السالف الذكر إجابة كاملة لإيضاح الصورة لي وللشعب الكويتي.
إن كانت الإجابات وافية ومنطقية سنسمعها في الجلسة الخاصة، والنواب هم من يقررون الخطوات اللاحقة والتالية لهذه الجلسة، وإن لم تكن شافية لنا أدواتنا الدستورية.
مهلة الحكومة
هل تعتقد أن مسألة منح الحكومة الحالية فرصة ستة أشهر كما هو المعتاد للإنجاز ثم تقييمها والمحاسبة لاتزال قائمة اليوم، أم أن النواب في حل من هذا الاتفاق؟
– لا أوافق على منح الحكومة أي فرصة، وكل نائب في حل من أمره، ويرجع موقفي هذا إلى أن أغلب التشكيلة الحكومية الحالية بمن فيهم رئيس مجلس الوزرا،ء هم ذاتهم ولم يتغيروا خلال التشكيلات الأخيرة المتعاقبة، وبالتالي لا مجال للتذرع لإعطاء فرصة جديدة، ولم يتغير سوى 3 وزراء، إذاً السياسة العامة للحكومة هي ذاتها لم تتغير، ولا يمكن السكوت إن حدث أي أمر جلل في قضايا متعلقة بالفساد وغيره من التجاوزات.
كتلة المستقبل
هل ستعود كتلة المستقبل، التي أعلن عن تشكيلها في المجلس المبطل الثاني أخيراً، لاسيما أن بعض أعضائها وصلوا إلى قبة البرلمان مجدداً؟
– تجربتي ثرية مع كتلة المستقبل وأعضائها، ولكن هناك زملاء لم يحالفهم الحظ، وساهم عدم وصولهم في اختلال هوية وتركيبة الكتلة، اليوم الكتلة بحاجة إلى إعادة النظر، لا يمكنني أن أقبلها أو أرفضها، وأحتاج إلى مزيد من الوقت لمعرفة توجهات الأعضاء، وفي النهاية نحن في الكتلة سابقاً لم نتفق على المبدأ الفكري، وإنما على مجمل قضايا نؤمن بها، وأنا مستعد للتعاون مع أي كتلة اتفق معها في القضايا.
هل تعتقد أن هناك خللاً في المجلس لعدم تشكيل الكتل البرلمانية وعزوف النواب عنها؟
– أعتقد أن الخلل يكون من خلال الاستعجال في تشكيل الكتل البرلمانية، وبالتالي تكون عملية تفككها وتحللها سريعة، أرى من الحكمة الشروع في العمل البرلماني وأن يأخذ النواب وقتهم لمعرفة توجهات باقي الزملاء من النواب وفكرهم وقضاياهم التي يحملونها.
ملف الشباب
أكد يعقوب الصانع أن الحكومة لا تملك رؤية واضحة لإنهاء ملف البطالة لدى فئة الشباب، متسائلاً كيف نتحدث عن ضخ الدماء الشابة في المؤسسات والأجهزة الحكومية ورئيس ديوان الخدمة المدنية تجاوزت خدمته الـ35 عاماً؟
الأولويات التشريعية
بيّن الصانع أن أولوياته التشريعية تتمثل في إقرار استراتيجية جديدة لمحاربة الفساد من خلال فصلها عن وزارة العدل لتكون مستقلة أو تابعة لمجلس الأعلى للقضاء، إلى جانب إنشاء جهاز مجلس القضاء الدولة ليحل محل إدارة الفتوى والتشريع، وإلزام ديوان المحاسبة بإحالة من ترى عليه تجاوزات جنائية أو جنحة إلى النيابة العامة، ومنح مدققي الديوان، أيضاً، صفة الضبطية القضائية في حال وجود أي مشكلات.
وقال إن من ضمن أولوياته، أيضاً، فصل التحقيقات والأدلة الجنائية والطب الشرعي عن وزارة الداخلية، وإعادة دمجها إلى وزارة العدل والقضاء، وإنشاء النيابة الإدارية.
لا ضمان لعدم إبطال المجلس
رأى الصانع أنه لا يوجود ضمان حقيقي لعدم إبطال مجلس الأمة مجدداً في الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن الحديث عن مثل هذه الضمانات يتعارض بشكل فاضح مع السلطة القضائية وأحكامها، لكون القضاء مستقل، ولا يجوز للحكومة أو المجلس أو حتى القضاء ذاته أن يضمن عدم إبطال المجلس أو ماذا سيؤول عليه أحكامه.
ودعا الصانع إلى عدم الشعور بالخيبة نتيجة الأحكام القضائية الأخيرة من المحكمة الدستورية، لا سيما أن تلك الأحكام هي عنوان الحقيقة، موضحاً أنه ينبغي القول إن حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس الأمة الثاني أخيراً، أمر لا تتحمله الحكومة على الإطلاق.
وأفاد أن حكم المحكمة الدستورية الأخير لا دخل للحكومة به، فالمحكمة رأت أن مرسوم الصوت الواحد يعد ضرورة، كما رأت من وجهة نظرها أن مرسوم الضرورة الخاص بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات لا ينطبق عليه مبدأ الضرورة، فكيف تعرف الحكومة مدى الضرورة أو قياسه؟
وأضاف «إن هذا الأمر يدفعني إلى إعادة تقديم طلبي بتفسير المادة 71 من الدستور، وإيجاد معيار جامع مانع للضرورة وحالاتها وضوابطها».
ورش عمل
دعا الصانع إلى ضرورة البدء في ورش العمل الخاصة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لوضع الحلول الناجعة للمشكلات والقضايا التي تلمس المواطن في المقام الأول، مثل قضايا الإسكان والصحة والتعليم، لافتاً إلى أن الورش ستعطي فرشة أولية للحلول من خلال تحليل المشكلات ومناقشتها مع المختصين من السلطتين والخبراء المختصين في البلاد.
هبات مشروطة
أيّد الصانع إصدار قانون يمنع التبرعات والهبات التي تزيد على حاجز الـ50 مليون دولار إلا بموافقة مجلس الأمة، موضحاً أن هذا القانون سيرفع الحرج عن الحكومة، إن كانت لا تود أن تدفع هذه الهبات إلى بعض الدول، وبإمكانها التحجج بأن الموافقة على التبرعات والهبات يكون من خلال السلطة التشريعية وهو مجلس الأمة.
المصدر”القبس”
قم بكتابة اول تعليق