من حق هذا الجيل أن يحلموا بتعليم جيد، ووظيفة مناسبة، وسكن مريح، وعائلة صغيرة تستقبلهم عند عودتهم من العمل لتزيل عنهم هموم الروتين الوظيفي، كما يجب أن نعذرهم إذا اعتقدوا أنهم لا يحصلون على ما يشتهون في الوقت المناسب، ومن الظلم أيضا تحميلهم الفشل الذي نحن فيه، فلم نوفر لهم جامعة محترمة وهيئة تدريس على مستوى عال مثل بقية دول العالم. انظروا الى تقييم جامعاتنا تجدوه في ادنى سلم الجامعات، فتقرير التنافسية العالمي (2014) عن جودة التعليم الأساسي والتعليم العالي والعلوم والرياضيات يؤكد أن الكويت في مؤخرة الدول الخليجية. إذاً نحن نحصد اليوم نتاج هذا التقصير والفشل.
ليس عيباً أن تواجه الدولة أزمات، ولكن العيب أن نقف عاجزين عن حل هذه الإشكالات. إن النهوض من درجة الصفر صعب، لكنه ممكن، فدائما البناء أصعب من الهدم، المهم أن نعرف أين نقف وما هي أخطاؤنا ونبدأ بمعالجتها. إنني أعتقد أن باستطاعتنا تسريع خطوات الإصلاح بما يعرف بــ «حرق المراحل»، وأن نبشر بفجر جديد. هذا العمل يتطلب إجراءات حاسمة وحكومة قوية، ويجب أن يكون الاصلاح من الاعلى، وان يكون الوزراء والمسؤولون قدوة في كل عمل يقومون به، لا يهزهم استجواب او سؤال او محاسبة، لهم هدف يركزون عليه وعلى تحقيقه في الوقت المعلوم. ظهور الفجر مبكرا يتطلب إجراءات حاسمة وقاسية، وقد تكون دكتاتورية، ولكنها ضرورية، وأولها زرع مفهوم ان العمل عبادة، ممنوع الغياب إلا لعذر قاهر، ممنوع التزويغ من المكاتب والدردشة اثناء العمل، ممنوع تناول الطعام اثناء العمل والتأخر عن ساعات العمل او الخروج قبل الوقت، ممنوع معاملة المراجعين وكأنهم يطلبون صدقة، بجانب ذلك يكافأ من يعمل وينتج، وكل من يعتبر ان كل دينار يُسرق من الدولة كأنه سُرق من جيبه هو، عندئذ فقط نستطيع القول إننا انجزنا وحُلّت مشاكلنا.
شعبنا قادر على النهوض والعمل، لقد جرّبنا ذلك اثناء الاحتلال الغاشم، قمنا بجميع الأعمال، عظيمها ووضيعها، وبرغم المهانة والضيق اللذين عشناهما، فإننا قاومنا وتشبّثنا بأرضنا. لقد اصطففنا في طوابير طويلة امام المخابز ننشد بعض الأرغفة لأطفالنا، والأرض تهتز تحت أقدامنا من أصوات المدافع والصواريخ، واحتملنا الاحتلال 7 أشهر من أصعب الشهور التي يمكن ان يصادفها انسان، شعب بهذه المواصفات لا بد أن ينهض في يوم من الأيام، فقط نحتاج الى الارادة والتصميم واختيار حكومة قادرة، وتحت كلمة قادرة عشرة خطوط.
د. صلاح العتيقي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق