صالح الشايجي: الفرص الضائعة

كأنما تعودنا ألا تكون لنا حياة خارج الصخب السياسي الناجم عن نزق ومراهقات سياسية طغت على البلاد سنوات طوالا عجافا حتى بدت معها الكويت بلادا بلا هوية أو بلادا ليس لها من هوية سوى تلك الفوضى التي دمغتها وصارت رئتها التي لا تتنفس إلا بها ولا تعيش إلا بضخ متواصل من الزعيق والصراخ والتهديد والتنديد والتلويح بجر الجسد الحكومي على الشوك الجارح.
منذ تصحيح المسار السياسي للبلاد من خلال تعديل النظام الانتخابي وفرز طبقة سياسية جديدة في مجلس الأمة وهي على ما يبدو طبقة متجانسة متعايشة مع الدور المطلوب منها ومتفهمة لدورها نجد أن هذه الصورة الجديدة مغيبة أو شبه مغيبة عن أذهان الناس وكأنما هناك افتراض بأن الناس لا ترغب إلا في الواقع الصاخب المضطرب.

ومن ناحية أخرى فإننا لانجد بالمقابل من الجانب الحكومي ما يدل على استغلال هذا الواقع الهادئ المريح الذي يهيئ الأرضية اللازمة لأي إنجاز حكومي تنوي الحكومة إنجازه بعيدا عن المناكفة والمماحكة والتعطيل والتشكيك.

قد يعدد البعض ما يمكن تسميته بإنجاز حكومي جاء ثمرة هذا الواقع السياسي المريح، لكن قد يتوقف سريعا عن العد لنكتشف أو يكتشف هو أن الواقع لا يجاري المؤمل والمرجو من ثمار من المفترض أن تنضجها الحالة السياسية الجديدة.

وجل ما قد يسجل من إنجاز تنتويه الحكومة أو تكون قد شرعت في إنجازه لا يتجاوز الدغدغات المالية من زيادة الرواتب او القروض الاسكانية او مساعدة المعسرين والمتعثرين في قروضهم البنكية، ولسنا نسمع عن غير ذلك، بينما البنية الهيكلية القانونية للدولة، وهي بنية في كثير من أجزائها خربة بل ومدمرة، لم تلتفت اليها الحكومة وربما نسيتها أو لا ترى فيها من عيب او قصور، لذلك فهي لا تشغل بال الحكومة وهذا ما أبقاها طي النسيان والإهمال، رغم أنها قوانين وقرارات وأعراف سرت وجرت وأقرت بغير موافقة الحكومة وبعدم رضاها ولكن من أنفذها هو غلبة الأصوات البرلمانية.

تلك القوانين هي التي تتعلق بحريات الناس وبالمساواة بينهم وبمجاراة النص الدستوري الذي خرقته تلك القوانين.

هذا ما يلزم على الحكومة فعله وأظن ستجد لها عونا من مجلس الأمة.

katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.