بدأ كثير من المتخصصين في شبكات التواصل الاجتماعي استعمال مصطلح “العنف الالكتروني” لوصف كل أنواع التحرش والتهديد التي تحدث عبر الأثير الالكتروني. ولعل ما هو خطير حول هذه الظاهرة الالكترونية المعاصرة ربط كثير من المتخصصين بين العنف الالكتروني والذي يتعرض له الضحية وبخاصة في “تويتر” وبين ما يحدث لهم في حياتهم اليومية. ويبدو أن ثمة علاقة مباشرة بين التغريدات المسيئة والعنيفة وبين وقوع الجرائم الفعلية والانتحار. فما يتعرض له بعض صغار السن والمراهقين من مضايقات إلكترونية ربما يتلازم مع تعرضهم الفعلي للاعتداءات البدنية.
أرتاب كثيراً تجاه من يحاول تخفيف وطأة البلطجة الالكترونية على حياتنا اليومية. فالتهديد عن طريق العنف الالكتروني وبخاصة عبر بعض شبكات التواصل الاجتماعي يمهد للاعتداء البدني. فالضحية الذي يتلقى تهديدات تويترية متواصلة لابد أن يصبح مع مرور الوقت أكثر عرضة للوقوع ضحية للاعتداءات البدنية الفعلية. فالمتحرش الالكتروني سيتحول خلال لحظات إلى متحرش ومجرم فعلي وخصوصاً عندما يتأكد أن ضحيته المحتملة بدأ يتأثر عاطفياً بتهديداته ومضايقاته وتحرشاته الالكترونية السابقة. ومن هذا المنطلق, فحري بالجهات الحكومية المعنية التعامل مع العنف الااكتروني والتغريدات المسيئة بشكل جاد وحازم. فهذا النوع من التحرش الالكتروني يوازي سبق الإصرار والترصد والذي يسبق الانقضاض على الضحية.
إضافة إلى ما سبق, لا أعتقد أن تويتر كبرنامج إلكتروني وكوسيلة اتصال اجتماعية محايدة تهدد حياة الأفراد أو تضايقهم, بل من يضايق الآخرين ويهدد أمنهم النفسي وحياتهم عبر تويتر هو ذلك المتحرش الالكتروني “البشري” المجرم الذي يجلس خلف شاشة الكمبويوتر والهاتف الذكي, فتويتر لا يزال يستخدمه الناس العقلاء والمسالمون لتكريس علاقات إنسانية إيجابية مع الاخرين, ويستخدمه العنيفون والمجرمون لتهديد وابتزاز ضحاياهم المحتملين. ويؤدي التهديد التويتري إلى وقوع جرائم الاعتداءات البدنية, إذا أردتم.
ضحايا تهديدات تويتر يجدون أنفسهم مضطرين أحياناً للرد المباشر على من يهددهم أو يقومون بتبليغ الجهات الأمنية المختصة. ولكن ثمة نوعية معينة من الناس- وبخاصة صغار السن والمراهقون- من هم بطبيعتهم حساسون للغاية ويتأثرون معنوياً من المضايقات الالكترونية. في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال, يتم أحياناً ربط العنف الالكتروني بما يحدث لعشرات من ضحايا الانتحار, حيث يشعر بعض الضحايا أن المتحرش الالكتروني طغى بشكل شبه كامل على حياتهم وخصوصياتهم الشخصية ولن يتركهم إلا وهم أجساد بلا أرواح.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق