يعاني بعض المجتمعات المعاصرة من آفة تُحبط الإخلاص في العمل والمواطنة الصالحة وهي المحسوبية. فمحاباة الأقارب والأصدقاء الشخصيين ومن ينتمون لمجموعة سياسية أو اجتماعية مؤثرة تضرب بعرض الحائط بكل مبادئ المواطنة الصالحة والحقة. في المجتمع المدني والديمقراطي المنظم تتم مكافحة المحسوبية وكل ما يرتبط بها من مظاهر تفضيل الأفراد بسبب انتماءاتهم السياسية والاجتماعية والطبقية لأنها تتعارض مع مبادئ المساواة في المواطنة وتتناقض مع العدالة الاجتماعية والالتزام الوظيفي. الحكومات الناجحة في عالم اليوم هي من تضع “مكافحة المحسوبية” على قائمة أولوياتها, وتعمل على تكريس مفاهيم المساواة والإنتاجية, فمن يعمل ويخلص ويبذل الجهود المطلوبة يملك الحق في ربط آماله وتطلعاته الشخصية والوظيفية بما يستطيع تحقيقه دون حاجته لتدخل أحد. ولعل عرض شرح مختصر للمحسوبية وما ترتبط به من مظاهر تفضيل وانحياز لفرد أو لمجموعة من الأفراد كفيل بتوضيح آثارها السلبية على العدالة الاجتماعية:
الانحياز: يشير إلى المصطلح الأكثر شمولية ويستخدم لوصف أي انحياز تفضيلي لفرد أو لجماعة من الأفراد بناء على قرابتهم وليس بناء على أدائهم أو تميزهم الوظيفي.
الشللية: تفضيل الأصحاب المقربين عن طريق تعيينهم في بعض المناصب بغض النظر عن امتلاكهم أو فقدانهم للمؤهلات, وهذا يناقض مبادئ الجدارة والكفاءة.
التحيز لأعضاء مجموعة معينة من الأفراد بتفضيلهم عن الآخرين سواء بمنحهم التقييمات والتقارير الوظيفية المتحيزة أو تسهيل منحهم تسهيلات معنوية أو مالية تفضيلية.
نظام الغنائم: يتم منح وظائف معينة لأتباع تيار سياسي معين كمكافأة لتأييدهم الاجتماعي أو السياسي وبهدف الحفاظ على ولاءاتهم وبشكل يناقض مبادئ الكفاءة والخبرة (المصدر: ويكيبيديا).
نظام “لا حبتك عيني ما ضامك الدهر.” المعنى واضح!
أكثر ما يتضايق منه المخلصون في وظائفهم وفي ممارسة مواطنتهم الصالحة شعورهم آخر الأمر أن ما كانوا يمارسونه من استقامة أخلاقية وإخلاص في الايفاء بواجباتهم الوظيفية والوطنية ربما سيجلب لهم المشكلات فحين تروج المحسوبية وأخواتها في أي بيئة إنسانية وعندما تصبح ممارستها علنية, يتضايق المستفيدون من المحسوبية ممن يحاول كشف تناقضها مع العدالة الاجتماعية. فبدلاً من الاعتراف بفضله في كشف تعارض المصالح وشرحه لبعض الآثار السلبية للمحسوبية على المجتمع, تتم أحياناً ملاحقة هذا النوع من الناس ويتم التضييق عليهم. بل أحياناً يتم تجاهلهم بشكل متعمد, فهم بالنسبة للمستفيدين من المحسوبية- مثاليون للغاية لا يفقهون ما يجري حولهم. والله المستعان.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق