«خرج الثعلب يوما في ثياب الواعظينا» مطلع قصيدة مشهورة لأمير الشعراء أحمد شوقي، يرمز فيها إلى تجار الدين والنساك الكذبة الذين يتخفون في سمت التقى والزهد والورع، فيحثون الناس على الصلاح والزهد وهم أبعد الناس عن حياة الزهد وأقربهم إلى الطمع في مباهج الحياة، ومثلما يبدو فإنها ثعالب عصية على الانقراض في مجتمعاتنا العربية.
عوالمنا العربية المريضة أرض «مَثْعَلة» كثيرة الثعالب على مختلف الصعد، ولعلنا جميعا نتذكر الثعلبان الأكبر الذي وعد بتحرير فلسطين والانتصار على إسرائيل فأتى بالهزيمة النكراء والخسارة الجسيمة. وهذه الأيام تنتشر في دول الربيع العربي ثعالب مفترسة خؤونة زعمت أنها تثور على الظلم والقهر وتطالب بالديموقراطية لكنها سرعان ما كشفت عن وجهها الحقيقي وصارت تمارس الظلم والقهر ضد عباد الله.
حيث ينتشر النفاق الاجتماعي والديني والسياسي والاقتصادي، تنتشر ظاهرة المكر والثعلبة، فالمستثمر يعد الناس بالأبنية الفخيمة قبل أن يمكر بهم ويهرب بأموالهم ويتركهم ينامون فوق الأرصفة، والمعارض السياسي يحشد الجماهير حوله علانية ضد الفساد ليتمرغ في وحل الفساد في الخفاء. وشيخ الدين الثعلبان الماكر يحث الشبان على المشاركة في العمليات الانتحارية ويوفد أبناءه إلى أوروبا لتلقي العلم فيها.
إنها حالة ثعلبانية مزمنة فينا، فكلما راح ماكر جاء مكار، ونحن الجمهور الساذج الذي لا يمل التصفيق والنشيد: الثعلب فات فات!
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق