نعم هناك محاولات.. ونعم هناك نية.. ونعم هناك قبول.. ولكن هل هناك جدية؟ سؤال بات يطرحه الكثير الكثير من ابناء الكويت وهم يرون بلدهم يئن في ظل عدم الجدية والحماس في التنمية والاعمار والانفتاح وتشجيع العمل الجاد والمبدع في القطاعين العام والخاص وتسهيل مهمة الانجاز للشباب.
من الامور التي يصعب فهمها في بلدي الكويت ان ما تقرأه يختلف كليا عمّا تشعر به.. على صدر الصفحات تنتشر التصريحات والابتسامات والعناوين الرنانة، التي ما ان تقرأها تشعر بانك مقبل على ثورة في التغيير والانطلاق.
وما ان تدخل الوزارات والمؤسسات وترى وجوه المراجعين.. وتستمع الى المواطنين، خاصة فئة الشباب، يلطمك يأسهم وحزنهم على ما يواجهونه من عراقيل سببها التشريعات والقوانين، التي لم يطلها تغيير يتناسب مع النيات الجميلة والتصريحات الرائعة.
احد الشباب الذي تفاعل مع مقالي بعنوان «اين الخلل؟»، الذي تطرقت فيه الى لجوء شبابنا الى دول مجاورة يحققون فيها احلامهم لسهولة الاجراءات فيها. يقول انه درس وعمل في فرنسا ثم عاد للعمل بالقطاع الخاص في تجارة التجزئة، حيث قدم ما يملك من المال والجهد وفتح دارا للازياء واسقدم مصممين حصريين من ايطاليا للكويت.. وكان هو من يقوم بالبيع والسفر لاختيار الملابس، وايضا تنظيف المحل لحبة وعشقه لعمله.. كانت هناك بداية مشجعة لمشروعه.
للاسف (يقول الشاب الكويتي) اقفلت البنوك والمؤسسات ابوابها لاستكمال تمويل المشروع بحجة ان المشروع في بدايته ومن المستحيل تمويله.. ناهيك عن بيروقراطية وفشل المؤسسات الحكومية لاتمام الاوراق الرسمية، التي قال انه لا بداية ولا نهاية لها.. ولا منطق.
وتساءل الشاب: هل يجب ان اكون من اصحاب المال او النفوس الضعيفة التي تتاجر بالحرام لأتمكن من تكوين نفسي؟ لذا لن استطيع اكمال مشروعي الصغير لعدم توافر المال اللازم لاكماله، واعرب عن حبه لوطنه، وانه يكفيه شرف المحاولة.
هل هذه نهاية كل شاب يصدم ببيروقراطية سمجة وقوانين خانقة.. الاكتفاء بشرف المحاولة؟
هذا الشاب انا مقتنعة مائة في المائة انه سيكون اول المصطفين امام باب سمو الشيخ محمد بن راشد، او اي جهة خارجية ترحب به وتوفر له كل التسهيلات، ليرى مشروعه يكبر امامه ويحقق احلامه.
قوانين التجارة والاستثمار والشؤون، وكل ما له علاقة بها، تحتاج الى ثورة، تحولها من قوانين طارده الى قوانين جاذبة تفتح ابواب الاستشمار والعمل الحر، سريعة التنفيذ، بعيدة عن المنع لمجرد المنع.
لا يعقل ان تكون هناك مثلا سياسة لتشجيع السياحة بالكويت، وكل ما قدم طلب لزيارة شاب او شابة، قوبل بالرفض لاسباب سخيفة بسخافة من فكر بها ووافق عليها، فهناك كثير من العلل التي نعانيها بالكويت تعالج بطرق خاصة اخرى وليس اسلوب التعميم.
اعرف كثيرين احتفلوا بمناسبات خاصة كالزواج وارادوا استضافة اعزاء لهم من الخارج، فشلوا لطول مدة انجاز المعاملة من جهة، حيث جاء موعد المناسبة والمعاملة قيد التدقيق… ومن جهة اخرى رفضت لان سن المدعوين بنظر من يوافق عليها (مشروع انحراف).
هذا كله يدلل على اننا في الكويت نطبق سياسة منع الكل درءا لمشكلة قد تقع او لا تقع من شخص واحد من اصل مائة الف شخص…كمن يفاجأ بمشكلة خرير في احدى الشقق بعمارة، وحتى يريح دماغه يقطع الماء عن كل العمارة بدل ان يفحصها ويحدد اين هي المشكلة ويعالجها بذاتها.
افتحوا الماء لكل الشقق به… وسكروا بس البايب الصغير جدا الذي يسبب الخرير.
اقبال الاحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق