محمد العبدالجادر: “بلدي” بلا نساء

أيعقل؟ بعد مرور تجربتين من تعيين المواطنات الكويتيات عام 2005 وعام 2009 في المجالس البلدية، أن تقوم الحكومة الحالية بالنكوص في خطوة عكسية، والتراجع عن المكتسبات التي نالتها المرأة الكويتية منذ اقرار الحقوق السياسية.

الانتقاد ليس فقط للحكومة انما لمؤسسات المجتمع المدني والتيارات السياسية، مثل جمعية المحامين وجمعية المهندسين وجميع الجمعيات النسائية ذات العلاقة وحتى التيارات السياسية التي لم تتقاعس فقط عن دعم المرأة في المجلس البلدي وبالذات التقدمية منها بل ابتعدت عن هذا النوع من العمل الشعبي.

نتائج انتخابات المجلس كانت متواضعة، حيث شكلت نسبة الحضور للانتخابات %19.5 وهي اقل نسبة حضور في تاريخ المجلس البلدي، واشارت بعض الصحف الى ان هذه النسبة المنخفضة قد تكون باباً للتفكير الجدي لالغاء هذا المجلس وتطوير نظام مجالس المحافظات رغم ان المادة 133 من الدستور تتحدث عن دور البلديات وبدلا من تطوير العمل البلدي واعطائه مزيدا من الصلاحيات من خلال تعديلات على القانون رقم 5 لسنة 2005.

وكان لابد من تذكير القوى السياسية او المجتمعية بتجارب الآخرين، فمثلا تجربة الرئيس التركي وحزب الرفاه بقيادة رجب طيب اردوغان الذي بدأ الحياة السياسية من خلال المجلس البلدي في نهاية الثمانينات حتى استطاع الوصول لبلدية اسطنبول عام 1994 وبدأ بعمل جبار ساهم في اختفاء جبال وتلال من القمامة وايصال المياه النظيفة للاهالي، وتخفيف الازدحام وايقاف التلوث القائم عن المصانع والعمل على نجاة الآثار الثقافية التاريخية من السرقة والنهب وقاد حملة انتخابية في المساجد والمقاهي وحتى الحانات، ووعد الناس وانجز وعوده، وكان هذا العمل الدؤوب سلما لتحويل تركيا من بلد نام الى مصاف الدول المتقدمة وسلما لوصول حزبه ذي الصبغة الدينية الى البرلمان والوزارة.

لم يردد الرجل وبلا فهم كما نسمع ان العمل السياسي ليس فقط انتخابات؟! وهو ما يقوم به بعض من يسمون انفسهم بالقوى السياسية، وهو التقوقع في الديوانية والاكتفاء ببيانات لا اثر لها، تاركا الساحة لقوى اخرى اقل وضوحاً في الفكر سواء دينية او تجارية او قبلية والعيش في بروج التنظير، الانتخابات البرلمانية والبلدية والطلابية والتعاونية هي مناسبة لكسب الناس ومعرفة همومهم، وقد يحالف البعض النجاح، وقد لا يكون، ولكنه بالختام عمل شعبي ووطني تتحول فيه الافكار الى مشاريع، وهو مكان كسب الشباب وتعزيز دور النساء، وهو أحد اسرار تطور الكويت فترة، وأحد اسرار تخلفنا في الفترة الاخيرة.

د. محمد عبدالله العبد الجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.