يتميز الاستثمار في العقار السكني في الكويت بأنه استثمار غير تقليدي. فهو يعطي عوائد مجزية، سواء من ناحية الإيجارات المرتفعة والمتزايدة، أو من حيث قيمة الأراضي المتزايدة باستمرار. كما أنه، أي الاستثمار في العقار السكني، ذو مخاطر قليلة جداً جداً، بسبب الارتفاع الكبير بالطلب والذي يقابله انخفاض كبير بالعرض. فيكون بذلك استثماراً خارقاً للقوانين التقليدية التي تنص على أن العوائد المرتفعة لا بد من أن تقابلها مخاطر مرتفعة أيضاً. إضافة إلى كون تملك العقار السكني حاجة ضرورية وأساسية في الظروف الطبيعية، فكيف يمكن أن تكون هذه الحاجة في بلد يتميز بالرفاهية وارتفاع دخل الفرد.
ولكي تتضح الصورة أكثر لنحاول تصور الوضع من جانب من لديه وفرة مالية جيدة ويريد استثمار أمواله الشخصية في استثمار أمن ومربح، وليس هناك ما يمنعه أو يعوقه من تملك عقار سكني أو أكثر، فهل سيجد استثماراً أكثر أماناً ويحقق عوائد العقار السكني نفسها؟ خصوصاً في الأوضاع الجيوسياسية الحالية، وبعد قيام دول المنطقة بوضع ضوابط تمنع المضاربات والبيع السريع للأراضي الفضاء.
وفي حال إذا افترضنا أن مقياس الثروة هو امتلاك عقار سكني أو أكثر، فإن ما يحصل من ارتفاع في أسعار العقار السكني وارتفاع الإيجارات مصحوباًَ بندرة كبيرة في الأراضي، يزيد الغني غناء والفقير فقراً، فيصبح المواطن الذي لا يمتلك بيتاً، وعلى الرغم من زيادة الرواتب، أكثر فقراً، بسبب الارتفاع السريع لأسعار العقارات السكنية والإيجارات. كما يصبح مالك العقار أغنى، نظراً لارتفاع سعر العقار وارتفاع دخله من الإيجار.
لذلك، ولحل هذه المشكلة، تم اقتراح تشريعات عدة في مقالة نشرت في القبس بتاريخ 5 أبريل 2013، تحت عنوان «5 تشريعات مقترحة تسهم في حل أزمة السكن»، حيث يمكن اختصار هذه التشريعات في أنها تمنع بيع العقار في العديد من المناطق إلا لمستحقي الرعاية السكنية. وبالتالي، تساهم في منع رفع الأسعار بسبب منع من يستطيع شراء العديد من العقارات السكنية من ذلك، ولكن على ما يبدو ألا حياة لمن تنادي سواء من المجلس أو الحكومة.
وفي حال وضعنا أنفسنا في موضع من يريد أن يتملك بيتاً أو أرضاً ولا يستطيع عن طريق الادخار مجاراة الارتفاعات المستمرة في الأسعار، فيجب عليه حماية نفسه من هذه الارتفاعات بطرق مختلفة، منها طريقة الدخول في شراكات مع العديد من الأشخاص في تملك عقار أو أكثر، حيث تقوم، حالياً، بعض البنوك الإسلامية بتوفير التسهيلات المطلوبة لهذه الطريقة، والتي ستوفر نوعاً من الحماية للمشاركين من ارتفاعات الأسعار المتوقعة، ولكن تساهم في الوقت نفسه في زيادة الأسعار فيما لو اتجه الكثيرون الى تطبيقها.
فإذا لم تقم أجهزة الدولة أي الحكومة كجهة تنفيذية والمجلس كجهة تشريعية بحل هذه الأزمة بشكل مناسب وعملي، فإن المواطن سيتجه إلى حلول مبتكرة وغير تقليدية تلتف على القوانين والإجراءات الحالية مثل الملكية الجماعية للعقار السكني وغيرها. أو أن يلجأ إلى حلول مخالفة للقانون، مثل المشاركة والمساعدة على التلاعب لسرقة المال العام أو أخذ الرشى والعمولات وخلافه، ظناً منه أنه بذلك يتغلب على الظلم الاجتماعي الذي فرضه عليه واقع حال الأزمة السكنية.
محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي rammohammad@
قم بكتابة اول تعليق